إذ جعل ما رواه التابعي عن رجل من الصحابة لم يسمه مرسلا، ولهذا قال في الباعث الحثيث: " فإن كان يذهب مع هذا إلى أنه ليس بحجة فيلزمه أن يكون مرسل الصحابة أيضا ليس بحجة " (1).
هذا، وأما على فرض ثبوت عدالتهم جميعا! فإن العدالة ليست عاصمة من الخطأ والاشتباه سيما عند عدم التصريح بالسماع، إذ لم يكونوا كلهم يستفهمون من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وفي حديث الإمام علي (عليه السلام):
" وليس كل أصحاب رسول الله (عليه السلام) كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يسمعوا... " (2) وكان بعضهم يلهيه الصفق بالأسواق، وبعضهم يروي عن بعض مما يحتمل أن يكون الكلام خبرا أو غيره، وعلى فرض كونه خبرا فهو ليس بمعلوم الصدق ضرورة أو نظرا، ولا بمعلوم الكذب إذا ما علم عدم مخالفته للواقع، وإنما هو من خبر الآحاد الذي لا يعلم صدقه وكذبه ما لم يحتف بمؤيد، وبقرينة يعتضد، والكلام في مرسل الصحابي الذي لم يتقو بغيره، فكيف يحمل على السماع ويسمى حديثا موصولا صحيحا؟!
وأما لو لم يكن خبرا فهو ليس إلا أثرا من آثاره، وربما قد يكون من اجتهاده في مقابل النص.
على أن بعض الصحابة - لا سيما المكثرين منهم كأبي هريرة قد رووا عن التابعين، وعن أهل الكتاب، كروايات أبي هريرة عن كعب