وهو ما ذكره الشهيد (قدس سره) في درايته، وناقشه بمنع الملازمة بين قاعدة تقديم الجرح على التعديل، وبين تقديم الإرسال على الوصل، بل استفاد من القاعدة المذكورة تقديم الوصل على الإرسال، لأن تقديم الجرح على التعديل إنما تم بسبب زيادة علم الجارح بالجرح مع جهل المعدل به، فكذلك الحال مع من وصل الحديث بعد أن اطلع على سائر وسائطه، بخلاف من جهل بعضها فأرسله " وذلك يقتضي ترجيح من وصل على من أرسل كما يقدم الجارح على المعدل، بقلب الدليل " (1).
ومنها: تقديم الأحفظ على غيره في الوصل أو الإرسال.
إطلاق لفظ (الصحيح) على (المرسل):
لا شك أن الحديث المرسل يتقوى بغيره ويرتفع إلى درجة الحسن أو الصحيح أحيانا، لا سيما مع اشتهار عمل الفقهاء بمضمونه - بناء على انجبار ضعف الإسناد بالشهرة الفتوائية - فيكون حجة، لكشف عملهم بمؤداه عن قرينة قوية دالة على صدقه، وصدوره عن المعصوم (عليه السلام).
وقد ينكشف اعتباره من غير طريق الشهرة أيضا، كما لو وافقه حديث صحيح أو حسن أو موثق، ولكن هل يمكننا أن نطلق عليه - بعد ذلك - لفظ (الصحيح)؟!
وفي معرض الجواب يمكن القول ابتداء: إن الآراء في الحديث المرسل مختلفة أشد الاختلاف، ولهذا تجد بعضهم من يسمي المرسل صحيحا بلا قيد أو شرط، بل وكثير منهم قدموه على الصحيح المسند!