مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥٠ - الصفحة ١٢٢
وهذا مما يقتضي العجب، لأن في مسانيد التابعين وتابعيهم ما لا يمكن تصديقه لمخالفته للواقع، مع وجود الكثير جدا من التناقض والتضاد في مروياتهم لا سيما التفسيرية كما يظهر من تفسير الطبري بلا أدنى تأمل، فكيف الحال مع مراسيلهم إذن؟!
وهكذا هو شأن القياس في جميع أحواله، فكيف لو كان المقيس عليه (وهو عدالة الصحابة) سرابا لا عين له ولا أثر؟!
وربما قد يتمسك بعضهم بحديث: " خيركم قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم... " (1)، وهو على فرض صحته لا يدل على أكثر من المدح المتوجه لمن قرب من عصر الرسالة وكان تقيا مؤمنا كما يدل عليه حديث:
" خيركم في المائتين المؤمن " (2) مع ما فيه من دلالة على ندرة المؤمنين وقتئذ.
أو كحديث: " أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب " وهو ما احتج به الشافعي في رسالته (3).
وفيه: إن هذا مرسل رواه سليمان بن يسار، عن عمر، وسليمان هذا وإن كان من التابعين إلا أنه لم يدرك عمر حتى يروي عنه لأنه مات سنة 107 ه‍ عن ثلاث وسبعين سنة (4) فتكون ولادته سنة 34 ه‍ بينما قتل عمر سنة 23 ه‍.

(١) صحيح البخاري ٣ / ٢٢٤ باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، من كتاب الشهادات، و ٨ / ١١٣ باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها، من كتاب الدعوات، وص ١٧٦ باب إثم من لا يفي بالنذر، من كتاب الأيمان والنذور، سنن أبي داود ٤ / ٢١٣ - ٢١٤ ح ٤٦٥٧.
(٢) أخرجه في موسوعة أطراف الحديث الشريف ٤ / ٦٦٢، عن أربعة مصادر.
(٣) الرسالة - للشافعي -: ٤٧٤ - ٤٧٥ رقم ١٣١٥.
(٤) تهذيب التهذيب ٤ / 200 رقم 391.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست