فصل وحيث تحققت أن دعوى تأثير السحر في نبينا صلى الله عليه وآله وسلم مما لا أصل له البتة، فلا بأس بإيراد طرف من كلام أكابر علماء الفريقين وأئمتهم في ذلك كسرا لسورة الاستبعاد، وإتماما للفائدة، فنقول وبالله التوفيق:
قال شيخ الطائفة المحقة الإمام أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي - رضوان الله عليه - في تفسيره (التبيان) (106): ولا يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم سحر - على ما رواه القصاص الجهال - لأن من يوصف بأنه مسحور فقد خبل عقله، وقد أنكر الله تعالى ذلك في قوله: (وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) ولكن قد يجوز أن يكون بعض اليهود اجتهد في ذلك فلم يقدر عليه، فأطلع الله نبيه على ما فعله حتى استخرج ما فعلوه من التمويه، وكان دلالة على صدقه ومعجزة له. انتهى.
وقال أمين الملة والدين أبو علي الفضل بن الحسن الطوسي - رحمه الله تعالى - في تفسير الكبير (مجمع البيان) (107): فأما ما روي من الأخبار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سحر فكان يرى أنه فعل ما لم يفعله، أو أنه لم يفعل ما فعله، فأخبار مفتعلة لا يلتفت إليها، وقد قال الله سبحانه وتعالى حكاية عن الكفار: (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) فلو كان للسحر عمل فيه لكان الكفار صادقين في مقالهم، حاشا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كل صفة نقص تنفر عن قبول قوله، فإنه حجة الله على خليفته، وصفوته على بريته. انتهى.
وقال أيضا (108) - بعد ما حكى عنهم قصة لبيد في شأن نزول المعوذتين: