وهذا لا يجوز، لأن من وصف بأنه مسحور فكأنه قد خبل عقله، وقد أبى الله سبحانه ذلك في قوله: (وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا * أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا) ولكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته - على ما روي - اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه، وأطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على ما فعلوه من التمويه حتى استخرج، وكان ذلك دلالة على صدقه.
قال: وكيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم، ولو قدروا على ذلك لقتلوه وقتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم له؟! انتهى.
وقريب من ذلك ما ذكره الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره، وكذا الجرجاني في (المحاسن) والكاشفي في المنهج وخلاصته حاكيا اتفاق علماء الإمامية على عدم تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال الإمام العلامة جمال الدين ابن المطهر - رحمه الله تعالى ورضي عنه وأرضاه - في كتابه (منتهى المطلب) - بعد إيراده رواية البخاري المتقدمة -: وهذا القول عندي باطل، والروايات ضعيفة، خصوصا رواية عائشة، لاستحالة تطرق السحر إلى الأنبياء عليهم السلام. انتهى.
وقال شيخ الإسلام بهاء الدين محمد بن الحسين العاملي - رحمه الله تعالى - في (مفتاح الفلاح) (109): اعلم أنا معاشر الإمامية على أن السحر لم يؤثر في النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأمره في هذه السورة - يعني سورة الفلق - بالاستعاذة من سحرهن لا يدل على تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم، وهو كالدعاء في (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
قال: وأما ما نقله المخالفون من أن السحر أثر فيه صلى الله عليه وآله وسلم - كما رواه البخاري ومسلم من أنه صلى الله عليه وآله وسلم سحر حتى