مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٩٩
وحكى الإمام الطبرسي - رحمه الله - في (مجمع البيان) (١٠٠) عن أبي مسلم: أن النفاثات النساء اللاتي يملن آراء الرجال ويصرفنهم عن مرادهم ويردونهم إلى آرائهن، لأن العزم والرأي يعبر عنهما بالعقد، فعبر عن حلها بالنفث، فإن العادة جرت أن من حل عقدا نفث فيه. انتهى.
وسيأتي في كلام شيخ الإسلام البهائي - رحمه الله -: أن الأمر بالاستعاذة من سحرهن لا يدل على تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم، فهو كالدعاء في ﴿ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا﴾ (101).
على أن المتأمل يعلم أن القول بكون النفاثات هن السواحر لا يوافق القول بأن المعوذتين إنما أنزلتا في قصة سحر لبيد بن أعصم اليهودي، إذ لو كان ذلك حقا لكان ينبغي التعوذ من شر السحرة النفاثين لا السواحر النفاثات.
ولعل الآلوسي تنبيه لذلك حيث اختار في (تفسيره) (102): أن المراد بالنفاثات النفوس السواحر اللاتي يعقدن عقدا في خيوط وينفثن عليها.
قال: فالنفاثات صفة للنفوس، واعتبر ذلك لمكان التأنيث، مع أن تأثير السحر إنما هو من جهة النفوس الخبيثة والأرواح الشريرة وسلطانه منها، وجعل هذا التقدير أولى من تقدير بعضهم النساء موصوفا ليشمل الرجال ويتضمن الإشارة السابقة ويطابق سبب النزول، فإن الذي سحره صلى الله عليه وآله وسلم كان رجلا على المشهور وقيل أعانه بعض النساء. انتهى.
وسبقه إلى ذلك ابن القيم في (تفسير المعوذتين) (103) وكأنه أخذه منه، والله أعلم.

(١٠٠) مجمع ا لبيان ١٠ / ٥٩٦.
(١٠١) سورة البقرة: ٢: 286.
(102) روح المعاني 30 / 282.
(103) تفسير المعوذتين 43 - 44.
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست