مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٨ - الصفحة ٩٧
نظر، إذ قد كان في بلاد الكثير كثير من الكهان والسحرة من أهل الكتاب وغيرهم من المشركين، وكانت بضاعة السحر والتمويه رائجة عندهم في تلك العصور، ولبيد بن الأعصم وبناته وأم عبد الله اليهودية إنما هم من آحادهم، وكان هؤلاء ا لرهط في عصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وزمانه، وفي قطره ومكانه، فكيف يعترض بما لا تعلق له بشئ من معنى الآية؟!
وأما دعواه أن حكم الساحر لا ينفذ في كل أوان، ولا له يد في كل شأن، فمردودة، لظهورها في إثبات التأثير بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم موجبة جزئية، والتحقيق نفي تأثير عمل الساحر في الأنبياء والأئمة عليهم السلام سالبة كلية - كما عرفت فيما مضى وسيأتي إن شاء الله تعالى -.
وإذا أحطت خبرا ما تلوناه عليك ظهر لك ما في كلام شيخ الإسلام المجلسي - رحمه الله - وغيره من أفاضل أهل عصرنا حيث ادعى أنه لم يقم برهان على امتناع السحر إذا لم ينته إلى حد يخل بغرض البعثة كالتخبيط والتخليط، فإنه إذا كان الله سبحانه أقدر الكفار لمصالح التكليف على حبس الأنبياء عليهم السلام والأوصياء عليهم السلام وضربهم وجرحهم وقتلهم بأشنع الوجوه، فأي استحالة على أن يقدروا على فعل يؤثر فيهم هما ومرضا؟! (97).
انتهى.
فإن في التوالي الفاسدة المترتبة على تجويز تأثير السحر في النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وإن لم ينته إلى الحد المذكور - كفاية في المنع من التجويز، إذ الشئ قد يستحيل ويمتنع للوازمه الباطلة وتواليه الفاسدة وإن لم يكن في ذاته ممتنعا، فتنبه.
وما بنى عليه دعواه واعتل به لعدم الامتناع من أن الكفار إذا قدروا على إيذاء الأنبياء والأوصياء عليهم السلام بالضرب والقتل، فلا استحالة في قدرتهم

(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست