من أعدائك - كما قال الزمخشري في الكشاف (88) - والسكوت عن تعيين ما يعصم منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفيد نوعا من التعميم - كما أفاده صاحب (الميزان) (89) - فهو من مصاديق ما قرروه في الأصول من أن حذف المتعلق يفيد العموم.
وأورد السعد التفتازاني على الاستدلال بالآية: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معصوم من أن يهلكه الناس، أو يوقع خللا في نبوته، لا أن يوصل ضررا وألما إلى بدنه (90). انتهى.
لكنك عرفت أن عدم ذكر المتعلق دليل على عموم العصمة من الضرر، والسحر من أظهر مصاديقه، وما ذكره إنما هو بعض ما عصم منه صلى الله عليه وآله وسلم، ولا دليل على اختصاص العصمة بالعصمة من إهلاك الناس إياه، أو إيقاع الخلل في أمر النبوة إلا المورد والسياق، لكنهم قرروا أن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب، وأن المورد لا يخصص الوارد، على أن المنصف لا يرتاب في أن تجويز تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم مما يوجب الخلل في أمر النبوة، إذ لا دافع لاحتمال العبث به عليه وآله الصلاة والسلام مدة عمره بسحره والتسلط على جوارحه وحواسه، لأنه لو جاز ذلك في حقه ولو مرة لجاز مرات أخر وهلم جرا، لا سيما إذا طال به ستة أشهر أو أربعين ليلة أو أدنى من ذلك أو أكثر - كما مر - وأنت غير غافل عما يترتب على ذلك من المفاسد والمحاذير، فحيث يلزم هذا التالي الفاسد فلا بد من الالتزام بعدم تأثير السحر فيه صلى الله عليه وآله وسلم مطلقا.
وأما ما أصابه - بأبي هو وأمي - في غزاة أحد من كسر رباعيته الشريفة