فصل ثم إنه لو جاز ذلك في حق الأنبياء عليهم السلام لكان ذريعة لعبث أهل الكفر بالأنبياء والمرسلين، ولكانوا عرضة لمساءتهم، إذ لم تنفك عصورهم من وجود ساحر عليم، مع أنه لم يحك وقوع ذلك إلا في شأن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعيد جدا أن لا يكون الأنبياء عليهم السلام قد سحروا وأثر السحر فيهم - لو جاز ذلك في حقهم - لأنهم قوتلوا بالسيف والسنان، ولا حامل عليه لو كان للسحر تأثير فيهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
بل السحر أدعى للمشركين إلى الطعن في رسل الله وإيذائهم، لأن فيه تعطيل الأنبياء عليهم السلام والتسلط على جوارحهم، بل قد يسحرون مدة عمرهم فيسقط النفع بهم - والعياذ بالله - وهو أنجع في نيل الغرض وجعلهم عرضة للاستهزاء والسخرية، مع أنه أيسر من المقاتلة في الميدان، والمحاربة بالسيف والسنان، ولا أظن منصفا يرتاب في ذلك.
وبالجملة: فإن في فتح هذا الباب - أعني تجويز تأثير السحر في الأنبياء عليهم السلام ولو في الجملة - سد لباب النبوة، وفيه ما فيه!
* * *