والظلم على أيدي أعدائهم، مع كونهم عالمين به، وقادرين على دفعه، إنما هو لما علموه من كونه مرضيا له سبحانه وتعالى، ومختارا له بالنسبة إليهم، وموجبا للقرب من حضرة قدسه، والجلوس على بساط أنسه.
وحينئذ، فلا يكون من قبيل الالقاء باليد إلى التهلكة، الذي حرمته الآية، إذ هو ما اقترن بالنهي من الشارع نهي تحريم، وهذا مما علم رضاه به واختياره له، فهو على النقيض من ذلك.
ألا ترى أنه ربما نزل بهم شئ من تلك المحذورات قبل الوقت المعد، والأجل المحدد، فلا يصل إليهم منه شئ من الضرر، ولا يتعقبه المحذور والخطر؟! فربما امتنعوا منه ظاهرا، وربما احتجبوا منه باطنا، وربما دعوا الله سبحانه في رفعه فيرفعه عنهم، وذلك لما علموا أنه غير مراد له سبحانه في حقهم، ولا مقدر لهم.
وبالجملة: فإنهم صلوات الله عليهم يدورون مدار ما علموه من الأقضية والأقدار، وما اختاره لهم القادر المختار.
ولا بأس بإيراد بعض الأخبار الواردة في هذا المضمار ليندفع بها الاستبعاد، ويثبت بها المطلوب والمراد:
فمن ذلك ما رواه ثقة الإسلام - عطر الله مرقده - في (الكافي) بسنده عن الحسن بن الجهم، قال: قلت للرضا عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام قد عرف قاتله، والليلة التي يقتل فيها، والموضع الذي يقتل فيه (إلى آخر الحديث الذي نقلناه سابقا) (45) وأضاف بعده:
وحاصل سؤال السائل المذكور:
أنه مع علمه عليه السلام بوقوع القتل، فلا يجوز له أن يعرض نفسه له،