اختيارهم الموت.
وحكم العقل في ذلك غير متبع.
مع أن حكم العقل بالوجوب في مثل ذلك غير مسلم (42).
وقد أجاب عن الاعتراض بوجوه ثلاثة:
الأول: أن حفظ النفس ليس بواجب مطلقا.
وذلك لما ذكرنا سابقا من أن هذا الواجب يسقط إذا زاحمه واجب آخر أهم متوقف على التضحية بالنفس، مثل حفظ الدين والإسلام، فلا بد من تقديم الأهم، ويسقط غيره، فيجب التضحية بالنفس.
وقد احتمل المجلسي أن يكون عدم وجوب حفظ النفس خاصا بالأئمة عليهم السلام عند اختيارهم الموت.
وهذا الجواب مبني على فرض ثبوت إمامته، وثبوت الاختيار له في انتخاب الموت.
ومن الواضح أنه مع هذا الفرض، لا يصح الاعتراض، كما أسلفناه في الأمر الثالث مما قدمناه في صدر البحث.
إذ أن فعل الإمام - حينئذ - حجة في نفسه، ودليل على جواز إقدامه، من دون احتمال كونه إلقاء محرما إلى التهلكة المنهي عنه.
الثاني: أن حكم العقل بوجوب حفظ النفس غير مسموع ولا متبع.
إذ مع إقدام الإمام على فعل، وحسب المصلحة والهدف الصالح الأهم الذي ارتآه، فلا أثر لحكم العقل واستهجانه، لأنه إنما يدرك المنافع العاجلة الظاهرية، لكن المتشرع إنما يصبوا إلى النعيم الأخروي والأهداف السامية،