تحديد محور البحث بين الاعتراضين وفي البداية لا بد من التنبيه على أمور:
الأمر الأول:
إن الاعتراض الثاني إنما يفرض ويكون واردا وقابلا للطرح والمناقشة، فيما إذا التزم بالفراغ عن الاعتراض الأول، وكان المعترض بالثاني ملتزما بأن الرسول والإمام يعلمان الغيب، فيكون إقدامهما على موارد الخطر إلقاء للنفس في التهلكة.
وإلا، فإن لم يقل بأنهما يعلمان الغيب، فإن الإقدام لا محذور فيه وليس من الالقاء في التهلكة، لأن غير العالم بالخطر معذور في الإقدام عليه.
فنفس اللجوء إلى الاعتراض الثاني وفرض وروده دليل على ثبوت الالتزام بفكرة العلم بالغيب لدى المعترض، خصوصا مع عدم المناقشة بالاعتراض الأول، كما هو المفروض في صيغ الاعتراض الثاني منذ عصور الأئمة عليهم السلام.
وهذا يدل على أن فكرة (علم الأئمة بالغيب) مفروضة عند السائلين، ولا اعتراض لهم عليها، وإنما أرادوا الخروج من الاعتراض الثاني فقط.
أو على الأقل فرض التسليم به، والاعتراف به ولو جدلا، حتى يكون فرض الاعتراض الثاني ممكنا.
وإلا، لكان اللازم ذكر الاعتراض الأول، الذي بتماميته ينتفي اعتقاد (علم الغيب) وبذلك لا يبقي للاعتراض الثاني مجال.