مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٣٢ - الصفحة ٨٥
ولكن هذه الغيبة لا يمكن أن تكون هي الفترة التي تولت فيها السيدة أم الشريفين أخذهما إلى الشيخ المفيد للتعليم، إذ أن الشريف المرتضى، وهو أكبر الأخوين، كان قد بلغ الخامسة عشر من عمره في بدء هذه الغيبة، ويكون قد تجاوزها كلما امتد زمن الغيبة، وفي مثلها لا يقال لمثله أنه طفل صغير، كما تنص عليه الرواية.
فلا بد وأن تكون هناك غيبة أخرى للشريف أبي أحمد عن بغداد تسبق هذه. والتي سبقتها هي التي وقعت في النصف الأخير من سنة 366 / 977، ففيها اضطر الشريف أبو أحمد إلى التوسط بين عز الدولة وعضد الدولة البويهيين،، وكان الأول هو الذي يحكم العراق، وسار إليه عضد الدولة من فارس، ووقعت بينهما الحرب، فكانت الغلبة بها لعضد الدولة فاستولى على الأهواز والبصرة، ولم تكن غيبة الشريف أبي أحمد للسفارة بينهما في عقد الصلح بقدر ما كان من إصرار عز الدولة في استرجاع غلام له كان قد أسره عضد الدولة فيمن أسر، ولم يكن لعز دولة ابن بويه في العراق يوم ذاك سلو عنه - وهكذا تضعف الدول بمثل هذا النفسيات والانحطاط الخلقي - ثم اتصلت به الأحداث التي أعقبت هذه الحرب، فكان الشريف يتنقل بين بغداد والبصرة وواسط. واستمر ذلك عدة شهور (31).
فلعل الشريف أبا أحمد هو الذي أشار إلى السيدة الجليلة أم الشريفين أن تتولى ذلك، بعد أن كان يجهل يومذاك أن هذا الانشغال وهذه الغيبة متى ينتهيان.
خاصة وأن الشريف المرتضى كان قد بلغ الحادية عشرة من عمره وعلى أعتاب البلوغ والكبر، ولا يصح والحال هذه إرجاء تعليمه إلى ما بعد.

(31) ابن مسكويه، تجارب الأمم، 6 / 371 - 376، الهمذاني، تكملة تاريخ الطبري - الطبري، 11 / 455 - 456 -، المنتظم، 7 / 83 - 84، ابن الأثير، 8 / 671 - 673.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست