وفي متسع من الوادي تشعبت فيه الطرق على مدى عرضه، حتى وصلنا إلى رملة غزيرة انعدمت فيها آثار الطريق فوقفنا قليلا، ولاح لنا راع مع غنيمات عند سفح الجبل، فنزلت قاصدا إياه، وكانت رجلاي تغوصان في الرمل إلى ما يقرب من الركبتين، ولوحت له بعباءتي فوقف ثم اتجه جهتي والتقينا غير بعيد من الجبل، وسألته عن طريق الغربة فقال: سيروا باستقامة سيارتكم، وبعد قليل توافيكم حرة تطلعون فيها على مزرعة صغيرة جديدة، ومن على الحرة تبين لكم نخيل الغربة.
فدلفنا بسيارتنا نشق الرمال شقا حتى انتهت بنا إلى مرتفع ارتقينا به الحرة التي ذكرها الراعي.
وفي الحرة التقينا سيارة نقل صغيرة (وانيت) يسوقها شاب بدوي، وإلى جانبه شيخ كبير، فاستوقفتهما، وبعد السلام عليهما، سألتهما عن الأصل والوطن، فقالا: من البلادية من حرب، نسكن بعد الغربة بقليل.
قلت: الغربة هي مقصدنا.
قال الشيخ: أنتم من الشرقية تريدون الغدير؟
قلت: هله هله; أي: نعم نعم، بلهجة البادية.
قال: هي عند النزلة من الحرة يمين الطريق مباشرة.
فودعناهما ودخلنا الغدير حامدين الله توفيقه، وشاكرين على السلامة.
وبعد أن استقر بنا الجلوس تناولنا من القهوة والشاي، ثم قمنا وتجولنا بالوادي الفسيح والتقطنا من الصور من مختلف جهاته.
كان الوادي فسيحا جدا، تتخلله أشجار السمر منتشرة في كل أبعاده.
ويقع بين سلسلة جبال من جنوبه وشماله.
ومسيله يمر مع سفوح جباله الجنوبية، وهي أعلى وأضخم من جباله الشمالية.
وعلى المسيل من جهة سهل الوادي ثلاث كوم من النخيل بين كل كومة وأخرى نحو عشرين مترا، وكل كومة لا تتجاوز الآحاد.
ومن المظنون قويا أنها نبتت هنا بفعل ما يرميه المارون بالوادي من نوى التمر