مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٥ - الصفحة ٢١٤
والجلد الناعم والحرير، في الملموسات.
وأما المدرك مادته بإحداها، فكالخيالي الذي هو عبارة عن المعدوم الذي فرض مجتمعا من أمور، كل واحد منها مما يدرك بالحس، كما في قوله:
وكأن محمر الشقيق * إذا تصوب أو تصعد أعلام ياقوت نشرن * على رماح من زبرجد (150) فإن كلا - من: العلم والياقوت والرمح والزبرجد - محسوس، لكن المركب - الذي هذه الأمور مادته - ليس بمحسوس، لأنه ليس بموجود، والحس لا يدرك إلا ما هو موجود في المادة، حاضر عند المدرك على هيئآت مخصوصة.
وإما عقليان، والمراد بالعقلي: ما لا يكون هو ولا مادته مدركا بالحس الظاهر، كالعلم والحياة، ووجه الشبه كونهما جهتي إدراك إذ المراد بالعلم: الملكة.
فدخل في العقلي ما يدرك بالوهم، والمراد به هنا: ما كان غير مدرك بإحدى الحواس الظاهرة، ولكنه بحيث لو أدرك لكان مدركا بها، كما في قوله:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي * ومسنونة زرق كأنياب أغوال (151) ويدخل ما يدرك بالوجدان - أيضا - وهو: ما يدرك بالقوى الباطنة، ويسمى " وجدانيات " كاللذة، وهو: إدراك لما هو عند المدرك خير، من حيث هو كذلك (والألم، وهو: إدراك لما هو عند المدرك شر، من حيث هو كذلك) (152).
وقوله: (وفيهما يختلف الجزءان) يعني: في الحسي والعقلي يختلف الجزءان،

(150) الشعر للصنوبري أحمد بن محمد، أبي بكر الضبي الحلبي، من أئمة الأدب والفصاحة والشعر، توفي سنة 334، أنظر أخباره وشعره في الوشاح 2 / 122 وجامع الشواهد 3 / 180.
(151) هو لامرئ القيس الكندي من قصيدة، مطلعها:
ألا عم صباحا أيها الطلل البالي * وهل يعمن من كان في العصر الخالي أنظر القصيدة في الوشاح 2 / 125، وانظر: جامع الشواهد 1 / 170 و 289.
(152) ما بين القوسين لم يرد في " خ ".
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست