الجملة الماضية - أي الأولى - منزلة نفسها، أي: إن كان بينهما كمال الاتصال، وذلك بأن تكون الجملة الثانية مؤكدة للأولى تأكيدا معنويا لدفع توهم تجوز أو غلط، نحو (*... لا ريب فيه *) (129) بالنسبة إلى (* ذلك الكتاب... *) (130) إذا جعل " ذلك الكتاب " جملة مستقلة منفردة عن سابقه، و " لا ريب فيه " جملة أخرى مؤكدة لدفع ما يتوهم من أنه - أي: ذلك الكتاب - مما يرمى به جزافا.
أو بأن تكون الجملة الثانية بدلا من الأولى، لأنها غير وافية بتمام المراد، نحو: (* أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون *) (131) فإن المراد التنبيه على نعم الله تعالى، والمقام يقتضي اعتناء بشأنه، لكونه مطلوبا في نفسه، وذريعة إلى غيره.
إلى غير ذلك من الأسباب المقتضية لكمال الاتصال.
وأيضا: يجب، إذا كانت الثانية نازلة من الأولى كالعارية، أي كان بينهما كمال الانقطاع، وذلك عند اختلافهما خبرا وإنشاءا، لفظا ومعنى، (نحو قول الشاعر:
وقال رائدهم: أرسوا نزاولها * فكل حتف امرئ يجري بمقدار (132) لم يعطف " نزاولها " على " ارسوا " لأنه خبر لفظا ومعنى، و " ارسوا " إنشاء لفظا ومعنى) (133).
وإلى ما ذكرنا أشار بقوله: (إن نزلت...) إلى آخره، يعني: إن نزلت الجملة الثانية من الجملة الأولى كنفسها، لأن بينهما كمال الاتصال، أو نزلت منها كالعارية