مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢٢ - الصفحة ٤٩
أبي هريرة راوية الإسلام!؟
وماذا يعوض عن الوعاء الثاني الذي لم يبثه هذا الراوي؟!
وماذا يعوض عن الصحف التي أبيدت والكتب التي أحرقت؟!
وقال الشيح محمد أبو زهو: " كاد القرن الأول ينتهي، ولم يصدر أحد من الخلفاء أمره إلى العلماء بجمع الحديث، بل تركوه موكولا إلى حفظهم، ومرور هذا الزمن الطويل كفيل بأن يذهب بكثير من حملة الحديث من الصحابة والتابعين (72).
أقول: بالرغم من اعترافه بذهاب الكثير من حملة الحديث الذي يستلزم بالطبع ذهاب جملة كبيرة كذلك من الحديث الشريف نفسه، فإنه صور أن سبب ذلك عدم إصدار الخلفاء أو عدم أمرهم بالجمع لها، ولكنه أغفل منعهم عن الجمع والتدوين.
فلو أنهم لم يعارضوا تدوين الحديث، وتركوا علماء الأمة على طبيعة حالهم لكان العلماء أحرص الناس على تدوين الحديث وكتابته.
بل، ليت الخلفاء لم يحرقوا ما كتبه العلماء وجمعوه من الحديث.
وكذلك قوله: " بل تركوه موكولا إلى حفظهم ".
يريد أن يوهم من طرف خفي إلى أن الحلفاء كانوا يوعزون إلى حفظه، وكأنهم يريدون ذلك.
لكنه تغافل عما أوردناه في هذا البحث من الحقائق الكاشفة عن أنهم كانوا يريدون إخفائه وإبادته، حيث منعوا حتى تداوله ونقله ونشره وإذاعته.
ولو ذكر منع التدوين، ومنع النقل، لكان أوصل إلى النتيجة التي ذكرها عن ذهاب جملة كبيرة من الحديث.
* * *

(72) الحديث والمحدثون. 127.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست