انفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أن تجيزوه علي، لأنفذتها! " (76).
وبهذه الصراحة، والصلابة، والقوة، وقف أبو ذر من إجراء المنع وأعلن رفضه له ويلاحظ في هذا النص وجود الرقابة على أبي ذر كي لا يحدث الناس بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدل اختيار أبي ذر للزمان والمكان على عنايته الفائقة بأمر معارضته.
أما الزمان، فهو الموسم، وفي منى حين يجتمع أكبر عدد من المسلمين الوافدين للحج.
وأما المكان، فعند الجمرة الوسطى، حيث يجتمع الناس عندها، الصاعد منهم إلى العقبة، والهابط إلى الجمرة الصغرى.
وفي قول الرقيب لأبي ذر " ألم تنه " دلالة واضحة على كون أبي ذر قد بلغ بالنهي عن الحديث، ولكنه لم يأبه به.
ووجود الرقابة على أبي ذر، وكلامه مع الرقيب، يدلان على وجود معارضة قوية لإجراءات الحكومة، لمنع الحديث.
وعبد الله بن عباس:
حبر الأمة وعالمها، يقف من إجراء منع الحديث موقفا صلبا، - بعد أن عارض منع تدوينه، فكتب الصحف وأمر بكتابتها -، فقال: " تذاكروا هذا الحديث لا ينفلت منكم، فإنه ليس مثل هذا القرآن مجموع محفوظ.
وإنكم إن لم تذاكروا هذا الحديث ينفلت منكم.
ولا يقولن أحدكم: حدثت أمس، فلا أحدث اليوم.