مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٢١ - الصفحة ٤١٣
السلام إلا من أحد وجهين:
إما الإلهام، فهو إذن معجز بان به من الأنام.
وإما عن تلقين وتعليم، فكم كان عمره وقت تلقينه ذلك، وهو في وقت المناظرة ابن تسع سنين، وقيل: ثماني سنين؟!
أوليس هذه أعجوبة قد نقلتموها وأقررتم بها وسلمتموها (67)، فأخبرونا كيف أقررتم لولد أمير المؤمنين صلى الله عليه في زمن المأمون بكمال العقل والعلم وحسن المعرفة والفهم وهو ابن تسع سنين، وأنكرتم أن يصح لأمير المؤمنين صلى الله عليه في زمن رسول الله صلى عليه وآله كمال العقل والتكليف وله عشر سنين؟!
فإن قالوا: نحن لا نعترف لأبي جعفر عليه السلام بهذا، كانت السير قاضية بيننا وبينهم، وشاهدة للمحق منا.
ثم يقال لهم: إن لم يكن الأمر كما ذكرناه من كمال عقل أمير المؤمنين عليه السلام وقت دعاء النبي صلى الله عليه وآله له إلى الإسلام وهو في حال ستر لأمره وكتمان، وخوف من الشرك والضلال، أليس يكون قد غرر بنفسه فيما ألقاه إليه، وفعل ما يشهد العقل بقبحه، وخطأ المقدم عليه؟!... حاشا الرسول صلى الله عليه وآله مما ينسبونه إليه.
والذي ذكرناه في أمير المؤمنين عليه السلام أوضح من أن يشتبه الأمر فيه، أليس هو القائل لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله: " إنني لم أزل البارحة مفكرا فيما قلت لي، فعرفت الحق والصدق في قولك، وأنا أشهد أن لا إلة إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله ".
فوقع منه الإقرار بالشهادة بعد فكر ليلة كاملة، فكيف يصح من طفل - كما زعمتم - غير عاقل أن يفكر في صحة النبوة ليلة كاملة حتى حصل له العلم بصدق المخبر بها بعد طول الروية، وهل بعد هذا لبس يعترض عاقلا هجر العصبية؟!

(67) في الأصل: سلمتوها، والأنسب ما أثبتناه.
(٤١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 418 ... » »»
الفهرست