التأييد واستحقاق المدحة، وقد انصرف عنها بطعونه على أمير المؤمنين عليه السلام، وانصبابه في شعب عدوه، وقعوده في جملة من قعد عن نصرته في حرب البصرة.
ويشبه ما قاله فيه النبي عليه وآله السلام قول الله تعالى في ذكر أزواج نبيه ونسائه: ﴿يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن﴾ (51) فعلق ذلك بشرط وجود التقوى، فإذا عدمت كن كمن سواهن، بل يكن أسوأ حالا من غيرهن.
وأعلم - أيدك الله تعالى - أنه قد روى المخالفون عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: لما أسلم أبي جاء إلى منزله، فما قام حتى أسلمنا، وأسلمت عائشة وهي صغيرة (52).
وروايتهم هذه دليل على تأخر إسلامه، وذلك أن مولد عائشة معروف، وزمانها معلوم، ولدت بعد البعثة بخمس سنين، وكان لها وقت الهجرة ثماني سنين، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الهجرة بسنة ولها يومئذ تسع سنين، وأقامت معه تسعا، وكان لها يوم قبض عليه السلام ثماني عشرة سنة.
فإذا كانت يوم إسلام أبيها صغيرة فأقل ما يكون عمرها في ذلك الوقت سنتين، وهذا يدل على أن أباها أسلم بعد البعثة بسبع سنين، فهو مقدار الزمان الذي أتت الأخبار بأن أمير المؤمنين عليه السلام كان يصلي فيه مع رسول الله صلى الله عليه وآله والناس في بهم الضلال، وسنذكر طرفا مما ورد في ذلك من الأخبار.
فإذا كان الناس سوى أمير المؤمنين عليه السلام إنما أجابوا إلى الإسلام بعد سبع سنين من مبعث النبي صلى الله عليه وآله فليس يستحيل أن يكون أبو بكر أحد المستجيبين في هذه السنة، وليس ذلك بموجب أن يكون أولهم، لأنه قد تناصرت الأخبار بتقدم إسلام جعفر بن أبي طالب عليه السلام عليه، بل على غيره من الناس سوى أمير المؤمنين عليه السلام.