رأى كوكبا، قال: هذا ربي، فلما أفل قال: لا أحب الآفلين (4)، إلى تمام قصته عليه السلام، وقوله: إني برئ مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (5).
وتقولون: إن هذا منه كان استدلالا، وهو في زمان مهلة النظر التي وقع منه عقيبها العلم بالحق (6).
فإن قالوا: فما تقولون في أمير المؤمنين عليه السلام قبل الإسلام، وهل كان على شئ من الاعتقادات؟
قيل لهم: الذي نقوله فيه: إنه كان في صغره عاقلا مميزا، وكان في الاعتقاد على مثل ما كان عليه رسولي الله صلى الله عليه وآله قبل الإسلام، من استعمال عقله والمعرفة بالله تعالى وحده، وإن ذلك حصل من تنبيه الرسول صلى الله عليه وآله له عليه، وتحريك خاطره إليه، وحصل للرسول من ألطاف الله تعالى التي حركت خواطره إلى الإسلام والاعتبار، ولم يكن منهما من سجد لوثن ولا دان بشرع متقدم.
فأما الأمور الشرعية فلم تكن حاصلة لهما، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله لزم أمير المؤمنين عليه السلام الاقرار به والتصديق له وأخذ المشروع منه.
وإنما قال له: " أجلني الليلة " ليعتبر فيقع له العلم واليقين مع اعتقاد التصديق لرسول رب العالمين، فلما ثبت له ذلك أقر بالشهادتين مجددا للاقرار بالله سبحانه، وشاهدا ببعثة رسول الله صلى عليه وآله.
فإن قالوا: فأنتم إذن تقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أسلم، وهذا أعظم من الأول.
قيل لهم: إنما العظيم في العقول هو الانصراف عن هذا القول، فإن لم تفهموا