7 - موقف الشيعة من المقولة:
أما الشيعة، أتباع مذهب هشام، فقد عرفنا اتفاقهم قدماء ومتأخرين على أن المقولة لا تدل على التجسيم المعنوي، وإنما أريد من كلمة " الجسم " معنى آخر، غير مدلوله اللغوي المتفاهم، وقد أوضحنا أن المعنى الآخر قد اصطلح عليه هشام وأصحابه وتلاميذه، وأرادوا من كلمة " الجسم " معنى " الشئ " و " الموجود ".
وقد صرح الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، بأن هشاما لم يخالف في مقولته " جسم لا كالأجسام " التوحيد، ولا يرد عليه إلا إطلاقه لفظ " الجسم " على البارئ تعالى وإن كان بمعنى " الشئ " (140).
وقد ذكر ابن أبي الحديد: أن هذا المعنى هو الذي التزمه من قدماء الشيعة:
علي بن منصور والسكاك، ويونس بن عبد الرحمن، والفضل بن شاذان (141).
وكذلك صرح كثير من علماء الطائفة، وآخرهم سيدنا الأستاذ، الذي قال في كتاب رجاله بعدم إرادة هشام من كلمة " الجسم " معناها المفهوم، بل أراد معنى آخر (142).
ولكن الذي يحز في النفس أن يتعرض للموضوع من لم يأخذ له أهبته اللازمة، ممن ينتمون إلى طائفة هشام، فغرتهم كثرة الأقاويل التي اختلقها كتاب الفرق والمقالات، ومؤرخو المذاهب والقضايا الاعتقادية، وملأوا بها الصحائف، فلم تفسح لهؤلاء مجالا للتأمل في الموضوع بدقة وعمق، من خلال مصادرنا المأمونة لتمييز الصحيح من الفاسد، أولا، والتوصل إلى الحق الذي أراده هشام، ثانيا، فوقع هؤلاء في الفخاخ التي نصبها أولئك الحاقدون، وما سطروه في صحائفهم السوداء ضد هشام.
وأكثر ما نجد تناقل كتاب العصر لما لفقه الخصوم عن معتقدات هشام، مما