قيل لهم: (هذه مغالطة و) (64) ما معنى قولكم: " أوجده " وهو قبل الوجود جوهر، كما هو في حال الوجود؟
قالوا: معنى ذلك أنه أحدثه وأخرجه من العدم إلى الوجود.
قيل لهم: هذه العبارة مثل الأولتين (65)، ومعناها معناهما، فما الفائدة في قولكم (66): " أحدثه، وأخرجه من العدم إلى الوجود "؟ وهو قبل (67) الإحداث والإخراج جوهر، كما هو في حال الإحداث والإخراج؟
فلم يأتوا بمعنى يعقل في جميع ذلك، ولم يزيدوا على العبارات، والانتقال من حالة إلى حالة أخرى، نزوحا (68) من الانقطاع، ولم يفهم عنهم معنى معقول في " الخلق " و " الإحداث " و " الاختراع " (69)، مع مذهبهم في الجواهر والأعراض.
وأصحاب برقلس (70) [14] ومن دان (17) بالهيولى [15]، وقدم الطبيعة (72)، أعذر من هؤلاء القوم، إن كان لهم عذر.
ولا عذر للجميع فيما ارتكبوه من الضلال، لأنهم يقولون: إن الهيولى هو أصل العالم، وإنه لم يزل قديما، وإن الله تعالى محدث له (73) كما يحدث الصائغ (74) من السبيكة خاتما، والناسج من الغزل ثوبا، والنجار (75) من الشجرة