صرفية، أو جملة نحوية.
والخلاصة: أن ما يقوله النحاة السابقون: (موافق للأصل) أو (مخالف للأصل) لا يقصدون به - فيما أعتقد - أن (ضرب) مستصحبة لأنها موافقة للأصل، و (قال) غير مستصحبة لأنها معدولة عن الأصل!! - كما فهم ذلك أستاذنا الدكتور تمام حسان في أصوله (103) مع كبير إجلالي لما قدمه من جديد في المسألة النحوية - ولعل ذلك كان اعتمادا منه على ما قاله ابن الأنباري في الإنصاف: (من تمسك بالأصل فقد تمسك باستصحاب الحال) (104) ويبدو لي أن ذلك كان تطبيقا غير سيم للاستصحاب وذلك لأن المقصود ب (استصحاب الحال) - كما هو واضح من بعض تعريفاته: (الحكم بثبوت أمر في الزمان الثاني بناء على ثبوته في الزمان الأول) (105) أن يكون للشئ الواحد حالان في زمانين: الحال الأولى معلومة ثابتة، والحال الثانية مجهولة مشكوكة، فنستصحب حال العلم به في الزمان السابق إلى حال الشك به في الزمان اللاحق، لنلغي بهذه العملية الاستصحابية دور الشك الطارئ وقيمته. وليس الأمر كذلك بالنسبة ل (ضرب) و (قال) فكل منهما معلوم الحال في كل من الزمانين: السابق واللاحق، لاطرادهما في كلام العرب - جاهليين وإسلاميين - فأين الاستصحاب إذن؟!
نعم لو حدث ل (ضرب) أو (قال) نطق آخر، يختلف عما كانت تنطق به سابقا، وحصل لنا من ذلك ما يوحي بأن هذا النطق المتأخر قد يكون فصيحا، فلنا حينئذ أن (نستصحب) الحال المعلومة لكل منهما، ونلغي ذلك دور النطق المتأخر المشكوك بفصاحته، وهنا يكون للاستصحاب دور في المسألة النحوية، ولكن مثل هذا - في حدود ما أعلم - لم يحصل عند النحاة السابقين، أي أنهم لم يجروا الاستصحاب في نفي ما طرأ على اللغة من تطور أو تغيير، لأنهم