تبعا لنقص التتبع والتصنيف الذين لا يتم تجريد القاعدة ثم القياس عليها إلا بهما، وهذا شئ لا حاجة به للإطالة لأنه معروف.
يضاف إلى ذلك أن المدرستين معا أهملتا الاحتجاج بالحديث الشريف - كما سبق - ففقدتا مادة غنية جدا لاستقراء اللغة، كما أهملوا الاحتجاج بالقراءات المتواترة لأنها تخالف القاعدة التي استعجلوا في تجريدها وبنائها على استقرائهم الناقص، وأمثال ذلك مما تم عرضه.
3 - الاجماع وقد ذكر هؤلاء النحاة، لهذا الأصل، ثلاثة أنواع: إجماع العرب، وإجماع البلدين، والإجماع السكوتي.
أ - إجماع العرب:
ونستبق الأمر فنقرر: أن إجماع العرب لا يمكن أن يكون دليلا (مستقلا) عن السماع والقياس، لسببين:
1 - لعدم إمكانه، وقد قال عنه السيوطي نفسه: (إجماع العرب حجة، ولكن أنى لنا بالوقوف عليه) (63). وقد كانت تجربة الأصوليين قبله في (إجماع الأمة) قليلة الجدوى، لعدم إمكانه، إلا فيما هو ضروري من ضروريات الدين، وهي في غنى عن الاجماع، لتوافر النصوص فيها، لذلك ضاق هذا الاجماع، عند المذاهب الفقهية المختلفة، فأصبح يعني: إجماع الصحابة، أو إجماع الخلفاء الراشدين، أو إجماع أهل المدينة، أو إجماع الإمامية، أو إجماع العترة، أو إجماع المذاهب الأربعة، إلى آخر ما ادعاه الأصوليون من صور الاجماع، كل ذلك من أجل أنهم لم يتمكنوا من تحصيل (إجماع الأمة) فكيف يمكن لمقلديهم من النحويين تحصيل (إجماع العرب) على قول ما، مع أننا نعلم أن استقراءهم، سواء أكانوا في البصرة أم الكوفة، كان استقراء ناقصا، لأنه مقصور على قبائل بعينها في