الدليل، فيقال: (الأصل براءة الذمة)، أو: (الأصل استصحاب الحال السابقة)، أو: (الأصل الاحتياط).
4 - ومنها ما يقابل الفرع في العملية القياسية، فيقولون: (الخمر أصل النبيذ) أي أن حكم النبيذ ينبني على حكم الخمر، لتساويهما في العلة.
5 - ومنها ما يدل على (الرجحان)، فيقولون: (الأصل الحقيقة) أي إذا تردد الأمر بين حمل الكلام على الحقيقة أو المجاز فإن الحقيقة أرجح.
ولعل المعاني الثلاثة الأولى هي الأقرب إلى ما نسميه ب (أصول الفقه) فإن أصول الفقه تعني: الأدلة التي يستنبط منها الفقه، كما تعني القواعد التي تتم بها عملية الاستنباط من الأدلة، وتعني أيضا الأصول العملية التي نجري عليها عند خفاء تلك الأدلة، وهذه الثلاثة تشترك بالمعنى اللغوي للأصل، أي: (الأساس الذي ينبني عليه الشئ).
وفي تشخيص الأدلة والأصول العملية اتفق الأصوليون على: النص الشرعي - من الكتاب والسنة - والإجماع، ثم اختلفوا، بعد ذلك، في أدلة ما لا نص فيه: القياس، ودليل العقل، والاستحسان، والاستصحاب، والمصالح المرسلة، وغيرها.
وفي القواعد الممهدة لعملية الاستنباط من الأدلة اتفقوا على اليسير منها، واختلفوا في الأكثر، فتراهم مختلفين في: طرق وصول النص، وأوجه دلالته، وفي كيفية حصول الاجماع ونقله، وفي أركان القياس ومسالك علته، وفي مصاديق ما يمكن أن يكون مسرحا لإدراك العقل حكم الله فيه، وأمثال ذلك.
أما النحاة فيعنون بما يسمونه: (أصول النحو) ما عناه الأصوليون من (أصول الفقه) بشقيها، أي الأدلة والمصادر التي يبنى عليها النحو... والقواعد الممهدة لاستنباط الحكم النحوي من هذه الأدلة والمصادر. وأبرز من كتب في أصول النحو - ولعله أول من أسس ذلك - هو أبو الفتح عثمان بن جني (- 392 ه) في (الخصائص) ثم تلاه أبو البركات الأنباري (- 577 ه) في كتابه