مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٥ - الصفحة ١٠٥
الفقهاء) على أساس أن المأثور عن أقطاب المذهب وفقهائه - أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن -: هي كتب الفقه فقط، وكانت هذه الكتب تضم المسائل التي تعرض لهم فيحكمون فيها، وقد يختلفون فيما بينهم فيحتج كل منهم لرأيه، ومن هذه الحجج استنتج فقهاء المذهب - بعد ذلك - الأصول التي كان الفقهاء الثلاثة يبنون أحكامهم عليها، ولذلك تجد أصول الفقه عند الأحناف كثيرة الاستشهاد بفروع المذهب الفقهية.
أصول النحو ليست نظرية ولا وصفية:
من خلال هذه التفسيرين نستطيع أن نقوم (أصول النحو) التي جاءت متأخرة عن النحو، لنجد أنها ليست تأسيسية نظرية، وليست وصفية تاريخية، وإنما هي عمل تقليدي صرف لأصول علم آخر، يبعد كثيرا بطبيعته ومصادر أحكامه عن علم النحو.
أ - أما أنها ليست تأسيسية نظرية فلسببين:
1 - أن بناة هذه الأصول لم يعملوا عمل الشافعي، فيغيروا من مناهج النحو ومسائله ومصادر أحكامه التي كانت قائمة في مدرستي الكوفة والبصرة النحويتين - كما فعل الشافعي مع أصول مدرستي الكوفة والمدينة الفقهيتين - فيقدموا لنا (نحوا جديدا) على غرار فقه الشافعي وجدة مناهجه، بل إن كل ما أحدثوه أنهم عمدوا إلى تلك المسائل والأحكام السابقة، فبحثوا في عللها وأسبابها، وتجادلوا في ذلك ثم طال بهم الجدل، حتى انتقلوا من علة الحكم إلى علة العلة، وعلة علة العلة، التي سميت أحيانا بالعلل الأول، والعلل الثواني، والعلل الثوالث، وأحيانا ب‍: العلل التعليمية، والعلل القياسية، والعلل الجدلية (20).

(٢٠) المصطلح الأول لابن مضاء في (الرد على النحاة): ١٠٢، والثاني للزجاجي في (الإيضاح):
64 - 65، وترتيب هذه العلل على الشكل الآتي:
إذا سئل عن (زيد) في (قام زيد): لم رفع؟ فيقال: لأنه فاعل = (العلة الأولى أو التعليمية).
ثم يسأل: ولم رفع الفاعل؟ فيقال: للفرق بينه وبين المفعول = (العلة الثانية أو القياسية).
ثم إذا سئل: ولم لم يعكس الأمر فيعطى الرفع للمفعول والنصب للفاعل؟ فيقال: لأن الفاعل واحد والمفاعيل قد تكون أكثر من واحد، فأعطي الرفع - وهو الأثقل - للأقل، والنصب - وهو الأخف - للأكثر، ليقل في كلامهم ما يستثقلون ويكثر ما يستخفون = وهذه (العلة الثالثة أو الجدلية).
أنظر في ذلك: الخصائص - لابن جني - 1 / 48 والرد على النحاة - لابن مضاء -: 151.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست