بسم الله الرحمن الرحيم وصية نافعة للشهيد الثاني (قدس سره) وفقنا الله تعالى وإياك يا أخي لطاعاته، وسلك بنا سبيل مرضاته، وأوقفنا على خلال (1) الخير لنستعملها، وعلى خصال السوء لنجتنبها، وأعاننا على ذلك بحسن توفيقه، فإنه ولي ذلك.
أقول: أول ما أوصيك به تقوى الله تعالى فيما تأتي وتذر، فإنها وصية رب العالمين إلى الأولين والآخرين، قال جل جلاله في محكم كتابه: " ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله " (2) وهذه الوصية أجمع كلام للخير وأوجزه، ومن ثم خصها بالذكر وعمها بالنظر إلى الموصى من خلقه من الأولين والآخرين. فلو كان من خصال الخير خصلة أصلح للعبد وأجمع للخير لكانت عناية الله تعالى ورأفته بخلقه تقتضي ذكرها دونها أو معها. وقد مدح الله تعالى في كتابه التقوى، ووصفها بصفات ورتب عليها فوائد كثيرة:
منها غفران الذنب وإصلاح العمل، قال الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم " (3).
ومنها النجاة من النار، " ثم ننجي الذين اتقوا " (4).
ومنها الخلود في الجنة، " أعدت للمتقين " (5).
ومنها التأييد، " أن الله مع المتقين " (6).