مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ١٤ - الصفحة ١٨٤
ولعمري ما الأمر على ما ظننته بل النور قبل الظلمة، قال الله تعالى ذكره: ﴿الله نور السماوات والأرض﴾ (١٢).
تأويل ذلك أنه جل ثناؤه هو الذي أضاء هما بنور استنارا به، فأغفلت أنت هذا، واعتبرت العالم الذي نحن سكنوه، وقد قال جل وعز: ﴿هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا﴾ (١٣).
فبالنيرين أضاء ما كان مرتتقا، ثم فتق بالضياء قبل الظلام، والنهار مضئ، فاعلم ذلك.
قال صاحب الليل:
معلوم أن الزمان حركات الفلك في دورانه، وهو أعوام وشهور وأسابيع، ومتى ولد الشهر فإنما يذكر من أول ليلة لأول يوم منه، فلو كان النهار أفضل كان افتتاح الشهر به لا بل مفتتحه الليلة الأولى منه.
قال صاحب النهار:
هذا عليك لا لك، وذلك أن خلقا يكثر عددهم يجعلون مفتتح الشهر أول يوم منه، وإنما العرب عدت الشهر من أول ليلة، لأن الهلال فيها يهل، والله عز وجل يقول: ﴿يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج﴾ (14) فجعل جل ثناؤه مواقيت الحج ومواقيت سائر مال بالناس إليه حاجة من اقتضاء الديون وانقضاء عددا المعتدات وغير ذلك من أنواع العبادات في إهلال الهلال.
هذا والشهر عند العرب إنما هو الهلال، ثم سمى به كل ثلاثين يوما شهرا، وذا شئ اتفقت فيه العرب والعجم، لأن " الماه " عند العجم هو القمر، ثم

(١٢) النور ٢٤: ٣٥.
(١٣) يونس ١٠: ٥.
(١٤) البقرة ٢: 189.
(١٨٤)
مفاتيح البحث: الحج (2)، الهلال (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست