الثالث: أن بعض الأسماء من المذكورين، روايتهم عن الإمام، من الوضوح بحيث لا يمكن أن يدعى في حق الشيخ أنه يغفل عنه، كفضالة بن أيوب، فكيف يمكن ادعاء غفلة الشيخ عن روايته عن الصادق عليه السلام ليعيده في باب (لم) سهوا، مع كثرة روايات فضالة وسعتها، ومع سعة أعمال الشيخ الحديثية وتعمقه في كتب الحديث والفهارس، إن هذا بعيد عن مقام الشيخ جدا.
الرابع: أن وجود الحل الموجه لعمل الشيخ - ولو احتمالا - كاف في منع هؤلاء القائلين من توجيه هذه الحملات على الشيخ، ولا أقل من اعتبار ذلك شبهة يدرأ بها حد تلك المواجهات الصعبة، فكأن الأولى بهم التأمل والتدقيق في فهم مراده.
وأخير - ونحن لا ندعي العصمة للشيخ -: فإن طرح مثل هذا الاحتمال في عمل الشيخ، مع أنه إمام هذا الشأن، وأشد مراسا له، لما ذكرناه في التمهيد من أنه الرجالي الوحيد الذي كانت له جهود فقهية وحديثية، فكان له مراس قوي في تطبيق نظرياته الرجالية في الفقه والحديث. إن طرح هذا الاحتمال في حقه يؤدي إلى طرح الأقوى منه في حق غيره من الرجاليين، وهذا ما نأباه بكل مشاعرنا، ونجل علم الرجال وأعلامه منه.
ولو أن هؤلاء القائلين حاولوا الوقوف على منهج الشيخ في تأليف رجاله وهدفه من صنيعه في هذا الباب، لم يوجهوا هذا الكلمات إلى ساحته المقدسة.
التوجيه الحادي عشر: كثرة الطرق قال الخاقاني: إن غرضه من باب (من لم يرو عنهم عليهم السلام) أنه عقده لمن لم يرو عنهم: إما لتأخر زمانه عنهم، أو لعدم رؤياه لهم وإن كان في زمانهم، ولا يمتنع أن يذكر فيه بعض من صبحهم وروى عنهم لوجود الطريق له هناك أيضا. فيكون هذا الباب مشتملا على أقسام ثلاثة:
1 - من تأخر زمانه عنهم.
2 - من لم يرو عنهم وإن عاصرهم.
3 - من صحبهم وروى عنهم أيضا.
فلا يكون باب (من لم يرو عنهم عليهم السلام) منحصرا في القسمين الأولين،