والغريب أن سيدنا الأستاذ، يصحح في مقدمة كتابه هذا التوجيه، لكنه في متن الكتاب يحاول رفع التناقض بالتوجيه الثالث، وقد ذكرنا موارد لجوئه إلى ذلك التوجيه عند ذكره، فلاحظ.
والجواب عن ذلك بوجوه:
الأول: أن تعرض الشيخ في كتاب رجاله لآراء الآخرين وذكر الاختلافات وإظهار نظره الخاص أحيانا بقول: (لا أعلم له رواية) ونحو ذلك، وتصديه - في خصوص باب (من لم يرو) وبالأخص في موارد البحث - لذكر الراوي عن الرجل والمروي عنه، يكشف - بلا شك - عن دقة الشيخ في هذا الكتاب والتفاته الكامل لما وضع فيه.
وسنبحث عن هذه الجهة فيما يلي بشكل أوسع.
الثاني: أن هذه الغفلة المدعاة، قد صدرت في خصوص [62] موردا فقط، - مع أن كتاب الرجال يحتوي على الآلاف العديدة من الأسماء، أفلا يطرح هذا السؤال:
لماذا غفل الشيخ في هذا الأسماء فقط فأعادها في باب (من لم يرو) دون غيرها؟
مع أن الأسماء المعادة، لم يعدها الشيخ بعين ما ذكرها أولا، بل أعاد كثيرا منها باختلاف في أسماء الأجداد أو الألقاب وما أشبه، وأما أكثرها فأعادها مع قيد الراوي أو المروي عنه، مما يكشف عن أن الشيخ كان يهدف من هذا الإعادة غرضا علميا خاصا.
وسيأتي توضيح ذلك عند كل مورد.
وقد تنبه تنبه الشيخ عبد النبي الكاظمي إلى بعض ذلك، في إبراهيم بن صالح، وهو المورد (3) - بعد أن حكم بالتعدد - فقال: ومما يدل على عدم غفلة الشيخ في الفهرست أنه قال: (إبراهيم بن صالح، له كتاب، رويناه بالإسناد الأول) (82).
قال الكاظمي: فلو كان غافلا عن أولا لذكر الإسناد ثانيا، ولم يحله على الأول (83).