نظرات سريعة في فن التحقيق (6) أسد مولوي تقويم النص بعد أن انتهى المحقق من اختيار الكتاب وجمع نسخه - وهي الآن غالبا مصورات - وفحصها وعين منها لعمله ما عين، عليه أن يختار نسخة منها فيقرأها قراءة دقيقة فاحصة ليتمرس بأسلوب المؤلف ويطلع على خصائص كتابته.
ثم تبدأ مرحلة من أدق مراحل التحقيق وأشدها تعبا، وهي مرحلة نسخ الكتاب بخط يده. وقد شاع - في هذه الأواخر - كتابة النسخة بواسطة الآلة الكاتبة، وهي طريقة فيها من المحاذير ما لا نطيل بذكره... اللهم إلا أن يكون الكاتب بالآلة محققا ضابطا عارفا وقادرا يطمأن إلى عمله.
يختار المحقق أسلم النسخ التي جمعها فينسخها بيده بخط واضح متباعد ما بين السطور فصيح الحروف بحيث يستطيع أن يدخل كلمة في السطر إن احتاج إلى إدخالها في مرحلة المقابلة.
وعند انتهاء النسخ يكون المحقق قد ازداد خبرة بكتابه ومراسا بخطه واطلاعا على مطالبه.
ثم تقابل هذه النسخة على أصلها الذي انتسخت عنه ليستدرك ما فوته سهو النظر أو سهو الفكر.
ثم تقابل النسخ المخطوطة الأخرى - واحدة بعد واحدة - على هذه النسخة الجديدة، ويسجل المحقق ما يجده من الفروق بين النسخ في الهوامش.