تلك هي المقدمة التي أردنا أن تتصدر مقالنا هذا، وأما في ما يتعلق ب (ابن سينا) فهو يأتي بمحادثات دقيقة قيمة جدا في بعض كتاباته، وخصوصا في كتابة (الإشارات والتنبيهات) الذي نال من الفلاسفة أوفر العنايات.
يعرف ابن سينا اللذة والألم في ذلك الكتاب بما يلي: (اللذة هي إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك كمال وخير من حيث هو كذلك، والألم وهو إدراك ونيل لوصول ما هو عند المدرك آفة وشرفي رأي المدرك) (2).
إن هذا التعريف كما نراه يشمل كل سنخ من اللذة والألم ويتضمنها بأسرها، ومن هذه الوجهة يكون هذا التعريف متفوقا على ما جاء به الفلاسفة القدامي الذين انتبهوا إلى البحث في هذين العنصرين الحيويين.
ولكن مسألتين هامتين تبقيان هنا، فعلينا تقديمها وأخذهما بنظر الاعتبار والتعمق فيهما.
المسألة الأولى:
هل يصف هذا التعريف واقع اللذة قبل أن نحس بها أو يكشف لنا عن الظواهر السيكولوجية في الوقت الذي توجد فيه اللذة في نفوسنا؟
المسألة الثانية:
هل يذوق كل من أدرك وحصل ما هو خير وكامل في رأيه، اللذة بذلك المعنى الذي نجده في حياتنا؟
عندما نفكر عميقا في أبعاد الإنسان العالية الروحانية، يظل البطلان الكلي لهذه المشكلة العامة واضحا إلى حد أنه لا يحتاج أن يجهد عالم نفسه ببرهانها، أفليس هو الذي يبحث عن اللذة ويحب السير متحمسا حول نفسه (الأنا الطبيعية)!؟ ولا يكون هو نفسه قادرا على التخلص من (الأنا) المادية في طريق سيره إلى (الأنا) الأسمى التي قد وصفت في القرآن الكريم ب (النفس المطمئنة) حيث قال الله تعالى: (يا أيتها