مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٩١
إن نفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار الآخر الذي ليس لسائر الصفات الإضافية، فالعلم ليس من جهة تابعيته للأشياء عبارة عن نفس الأمر، بل من جهة أن صور الأشياء حاصلة فيه عبارة عن نفس الأمر.
فذلكة البحث حول كلام القيصري:
إنه لما قال: فنفس الأمر عبارة عن العلم الذاتي، أورد عليه أن العلم تابع للمعلوم، والمعلوم هو الذات الإلهية، وكمالاتها، لأنه ليس في الوجود على وعين سوى الذات الإلهية، وشؤونها الذاتية، التي هي كمالاتها، فنفس الأمر هو المعلوم المتبوع، لا العلم التابع له، المطابق لما في نفس الأمر، فأراد دفع ذلك الايراد عن نفسه، بقوله:
قلت: الصفات الإضافية...
وحاصل الجواب أن العلم من الصفات الإضافية، أي ذوات الإضافة، ولها اعتباران اعتبار أنفسها، واعتبار إضافتها العارضة لها.
وبالاعتبار الأول عين الذات الإلهية، لا تابعة لها، بل هي متبوعة.
وبالاعتبار الثاني العلم وسائر الصفات الإضافية، كالقدرة، والإرادة تابعة لما تضاف إليه.
وللعلم اعتبار آخر ليس لسائر الصفات الإضافية: هو حصول صور الأشياء فيه التي عبر عنه بالكمالات تارة باعتبار، وبالشؤون الذاتية تارة وباعتبار، وبالشؤون الإلهية والأسماء وصورها تارة وباعتبار، ونفس الأمر عين علمه تعالى بهذا الاعتبار.
فالجواب ينشعب شعبتين: أولاهما في بيان أن الصفات مطلقا يعتبر فيها الاعتباران، وثانيتهما في بيان أن العلم خاصة له اعتبار، ليس لغيره من الصفات، فهو بهذا الاعتبار عبارة عن نفس الأمر وهو عين الذات، فتبصر!
ومنها قوله: وجعل بعض العارفين العقل الأول عبارة عن نفس الأمر حق...
والعقل الأول هو الاسم العليم في الحقيقة، وهذا العارف جعل العقل الأول عبارة عن نفس الأمر لكون علمه مطابقا لما في علم الله تعالى، فالملاك عن نفس الأمر هو العلم الذاتي الحاوي لصور الأشياء كلها، وهذا هو الأصل.
قوله: وكذلك النفس الكلية المسماة باللوح المحفوظ، أي وهي أيضا عبارة
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست