مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٨٧
بالوجودات الأربعة المذكورة، فتدبر في قوله سبحانه: " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه... "، وكما أن الوجود حقيقة واحدة إطلاقية، ولها درجات بعضها طبيعي، وبعضها نفساني، وبعضها عقلي، وبعضها إلهي، كذلك جميع شؤونها: النفس الأمرية، لأنها أطوار حقيقة، منتشئة ومنفطرة عن ذات واحدة صمدية سبحانه وتعالى.
نعم، إن نفس الأمر بهذا المعنى لا يصدق عليه سبحانه، لأنها كانت عبارة عن العلم الإلهي لصور الأشياء. فالأمر على هذا المعنى في مقابل الخلق من العقل الأول إلى الهيولى الأولى، لا كما قال المحقق الشريف: أن يجعل الأمر ها هنا في مقابل الخلق، ويراد به عالم المجردات، كما نقله عنه صاحب الشوارق (36)، وذلك لأن الخلق الايجاد على تقدير وترتيب، وأصل الخلق التقدير، يقال: خلقت الأديم إذا قدرته قبل القطع.
والخلق هو المنقوش على الصادر الأول، وهو فرق الخلق، وقد حققنا البحث عنه في رسالتنا الفارسية المسماة ب‍ " وحدث از ديدگاه عارف وحكيم " (37)، فراجع!
فالمجردات من الخلق أيضا والصادر الأول يسمى في الصحف العرفانية بالنفس الرحماني والنفس الإلهي، والهيولى الكلي، والماء الذي هو أصل كل شئ، والبخار العام، والتجلي الساري، والرق المنشور، والنور المرشوش، والخزانة الجامعة، وأم الكتاب المسطور، والوجود العام، ومادة الموجودات، والرحمة العامة، والرحمة الذاتية، والامتنانية، وصورة العلماء، والوجود المنبسط، والعنصر، والعنصر الأول، وأصل الأصول، وهيولى العوالم غير المتناهية، وأب الأكوان، وأم عالم الإمكان، والجوهر الهيولاني، وغيرها من الأسامي المذكورة في محالها فراجع الرسالة المذكورة ومصباح الأنس (38).
والصور العلمية تسمى بالأعيان الثابتة، وبالفيض الأقدس أيضا، أي الأقدس عن أن يكون المستفيض غير المفيض، والأقدس من شوائب الكثرة الأسمائية،

(36) لاحظ: ص 114، الطبعة الأولى.
(37) لاحظ: ص 84 - 94، الطبعة الأولى.
(38) لاحظ: ص 70، 133، 150، و 161 وكذلك شرح القيصري على الفص العيسوي، واليعقوبي من فصوص الحكم: 331 و 389، الطبعة الأولى
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست