مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٨٠
مطابق أصلا.
على أن المطابقة واللا مطابقة، كالانقسام إلى التصور والتصديق من خواص العلم الحصولي دون الحضوري، ومن كلام صاحب أثولوجيا إن علم المبادئ أجل من أن يوصف بالصدق، وإنما هو الحق بمعنى أنه الواقع لا المطابق للواقع.
ومنها قوله: ويؤيده إطلاق عالم الأمر على هذا العالم إن المحققين من أهل التوحيد، أي العارفين بالله يعبرون عنه بعالم الأمر، والحكماء الإلهيين بالعقل. وديدن أهل التوحيد في اصطلاحاتهم هو الأخذ من كلمات الوحي، وأهل بيت الوحي، وقال عز من قائل: " ألا له الخلق والأمر " (23) والتعبير عن هذا العالم بعالم الأمر - كما في الحكمة المنظومة - لوجهين:
أحدهما: من جهة اندكاك إنيته واستهلاكه في نور الأحدية، إذ العقول مطلقا من صقع الربوبية، بل الأنوار الأسفهبدية لا ماهية لها على التحقيق، فمناط البينونة الذي هو المادة سواء كانت خارجية أو عقلية مفقود فيها، فهي مجرد الوجود الذي هو أمر الله وكلمة " كن " الوجودية النورية.
وثانيهما: إنه وإن كان ذا ماهية يوجد بمجرد أمر الله، وتوجه كلمة " كن " إليه من دون مؤنة زائدة من مادة، وتخصص استعداد، فيكفيه مجرد إمكانه الذاتي (24).
ومنها قوله: إن هذا العالم الحسي كالصنم والأنموذج لذلك العالم. ويدلك على هذا المطلب الأرفع كلمة الآية والآيتين والآيات في القرآن الكريم، فتلك الكلمة المباركة ناطقة بأن ما سواه سبحانه على ضرب من التعبير بالسواء مظاهره، ومراياه، ومجاليه، فأحدس من هذا أن الوجود واحد شخصي أحدي صمدي مطلق عن الإطلاق والتقييد، وهو الأول والآخر والظاهر والباطن. وإن جميع أسمائه سبحانه - إلا ما استأثره لنفسه - متحقق في كل كلمة وآية، وإن كانت تسمى بالصفة الغالبة على غيرها، والاسم القاهر على غيره، ولذا اشتمل كل شئ على كل شئ. وذلك الاشتمال كما في مصباح الأنس على ثلاثة أنواع، لأن الظاهر من الآثار، إما آثار بعض

(٢٣) الأعراف: ٥٤.
(24) أنظر: ص 50، الطبعة الأولى
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست