مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٩٥
لها ملكة الاتصال والارتباط بشأن من شؤون العقل الفعال، متى شاءت من هذه الجهة، فكذلك إذا ارتسمت فيها صورة قضية كاذبة، وتكرر ارتسامها، أو التفتت النفس إليها التفاتا قويا حصلت لها ملكة الاتصال من هذه الجهة بشأن آخر من شؤونه متى شاءت، ولا يلزم أن يكون - ذلك الشأن بعينه - قضية ذهنية صادقة، ولا هذا قضية كاذبة، بل يكون أمرا يناسب ذاك، وأمرا يناسب هذا، فهذا معنى اختزان صور الأشياء في عالم العقل واسترجاع النفس إليه.
وقد أشرنا لك مرارا أن ليس معنى حصول صور الموجودات في العقل البسيط ارتسامها فيه، على وجه الكثرة المتميز بعضها عن بعض، كما أن صورها المحسوسة ترتسم في المادة الجسمانية، وكذا صورها النفسانية التفصيلية، التي ترتسم في النفس الخيالية على هذا الوجه، وذلك لضيق هذا العالم، وما يتعلق به من المشاعر عن الحضور الجمعي، والتمام العقلي، والبراءة عن العدم، والغيرية، والكثرة، والانقسام ".
أقول: قوله: " من حيث كونها أمرا وجوديا من ذلك العالم "، أي من ذلك العالم العقلي. قوله: " فإن الأول خير حقيقي " أي اليقين، " والثاني نافع " أي ملكة الصدق. وقوله: " من هذه الجهة بشأن آخر " أي من جهة تكرر ملاحظتها بعلوم صادقة.
ثم إن قوله: " كما رآه الإفلاطونيون "، قد استوفينا الكلام عن هذا المطلب الرفيع المنيع في رسالتنا المصنوعة في المثل الإلهية، وقوله: " وأما إلى جهات متعددة فاعلية في العقل الأخير، كما هو رأي المشائين " قدر دريت إطلاقات العقل؟ الفعال؟ السائر في ألسنتهم.
قوله: " وقد أشرنا لك مرارا... " وبذلك التحقيق الأنيق يعلم أن ما قال الفخر الرازي: إن العقل الفعال عندهم علة لحدوث الألوان والصور والمقادير، مع عدم اتصافه بها (46) ليس على ما ينبغي، بل هو رأي فائل، وقول باطل، فإن الكثرة بوجودها الأحدي موجودة في خزائنها.
ثم ما حققنا في معنى نفس الأمر، دريت أن نفس الأمر - على بعض وجوه معانيها - يشمل الواجب تعالى أيضا لو تفوهنا وقلنا مثلا -: إن الأمر في الحق سبحانه

(46) كما نقل ذلك عنه المحقق الطوسي في آخر الفصل الثالث عشر من النمط الثالث من شرحه على الإشارات
(٩٥)
مفاتيح البحث: الصدق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست