المعقولات بالفعل، ليس بجسم ولا جسماني، ولا بنفس،، وهو العقل الفعال ".
غرضنا من نقل كلامهما هذا هو إطلاق العقل الفعال على الموجود المفارق الذي هو مخرج النفوس، بلا وصفه بالعاشر - وإن وصفوه في عباراتهم الأخرى به - وذلك الوصف بلحاظ تعلقه بالنفوس، كما سمي بعقل العالم الأرضي.
وقد سلكوا لإثباته مناهج، وذكرها صدر المتألهين بهذا العنوان:
" تبصرة تفصيلية، المناهج لإثبات هذا الموجود المفارق القدسي المتوسط في الشرف والعلو بينه تعالى وبين عالم الخلق الواسط لإفاضة الخير والجود على الدوام كثيرة... " (11).
وقد نقل ثلاثة عشر منهجا والحادي عشر منها وهو كلام المحقق الطوسي المنقول من رسالته المعمولة في ذلك، ونسختان منها موجودة عندنا، وقد طبعت في مجموعة رسائله (12)، والثالث عشر منها هو المنهج الذي سلكه هو.
والأول من تلك المناهج هو طريق النبوة والإلهام، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " أول ما خلق الله العقل "، وقوله: " أول ما خلق الله القلم "، ونحوهما.
والثاني منها: منهج امتناع الكثير عن الواحد، فيجب أن يكون أقرب الأشياء منه تعالى ذاتا واحدة بسيطة بالضرورة.
والثالث منها: سبيل الإمكان الأشرف.
والرابع منها: المناسبة الذاتية بين العلة التامة ومعلولها.
والخامس منها: منهج إخراج ما بالقوة إلى ما بالفعل للنفوس.
والسادس منها: طريق ازدواج الهيولى بالصورة، فلا بد من عاقد لهما وهو الأصل المفارق.
والسابع منها: طريق الحركة الجوهرية، فلا بد من جامع وحافظ لوحدتها وهو الجوهر العقلي.
والثامن منها: منهج الأشواق، والأغراض، والشهوات، وميول الأشياء إلى كمالاتها، فلا بد أن يكون لها غاية كمالية عقلية، فهي عقول البتة.