مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٦ - الصفحة ٧٥
المدركة كالوجودات الذهنية الحقيقية من النسب، والإضافات الحقيقية، والمعقولات الأولى، وسائر ما يقع في الدرجة الثانية من التعقل، أي ليس من المعقولات الأولى، فهي من المعقولات الثانية المنطقية. والقيد بالحقيقية لإخراج القسم الأول، أي الوجود الفرضي الاعتباري، فهذا القسم أعني الوجود الحقيقي على قسمين خارجي وذهني.
ثم لما كان وعاء حصول القسم الأول مما يتصوره العقل - أي الوجود الفرضي - هو المشاعر، وكذلك وعاء حصول القسم الثاني من الوجود الحقيقي، أي الذهني أيضا هو المشاعر، يورد سؤال عن الفرق بينهما، ويقال: فحينئذ يكون هذا القسم الثاني من الوجود الحقيقي هو أيضا من أقسام الوجود الفرضي، ضرورة أن حصوله إنما هو في القوى المدركة.
والجواب: أن القسمين كليهما - وإن كان ظرف حصولهما - هو المشاعر، ولكن الأول منهما اعتباري محض لا يكون قابلا للحوق الوجود إياه، ولا تترتب عليه فائدة علمية، ولا يحكم عليه بشئ إلا أنه من ملفقات المتصرفة، ومختلقات المتخيلة بخلاف الثاني، فإنه نسب، وإضافات، وصور حقيقية، هي مرايا الأعيان الخارجية، وروازنها، وعناوينها، وألسنتها، وأظلالها، وموضوعات لمسائل شتى، علمية حقة تستنتج منها.
وهذا القسم هو الموجود الذهني، وهو من أقسام الموجود الحقيقي، والموجود في نفس الأمر.
فنفس الأمر أعم من الخارج، لأنه كلما تحقق أمر في الخارج تحقق في نفس الأمر، وكذلك كلما تحقق أمر في الذهن تحقق أيضا نفس الأمر، ولكن يمكن أن يتحقق الموجود الذهني فقط، ولا يتحقق الموجود الخارجي، فحينئذ يتحقق أمر في نفس الأمر فقط، ولا يتحقق أمر في الخارج كإنسانية زيد المعدوم في الخارج، فحيث أن زيدا معدوم في الخارج لا تتحقق إنسانية المقيدة فيه، وإن كانت متحققة في الذهن.
ثم إن هاهنا سؤالا آخر، وهو إن ما قررتم في معنى نفس الأمر فما الفرق بين القضايا الصادقة والكاذبة، لأن الصادق هو الذي له مطابق في الخارج، دون الكاذب، فإذا لم تكن لإنسانية زيد المعدوم في الخارج مطابق - بالفتح - في الخارج أصلا فكما أن إنسانيته معدومة، فكذلك حماريته معدومة في الخارج، فليس لهما مطابق في الخارج،
(٧٥)
مفاتيح البحث: الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست