وكيف كان ذكره لهم؟ وهل هو مقتنع بهم جميعا أم متوقف؟
والذي يحدونا لهذه الأسئلة ما حدث هو به - رضوان الله عليه - في مفتتح رسالته " خصائص الأئمة " إذ قال: " إن بعض الرؤساء، ممن غرضه لا قدح في صفاتي والغمز لقناني والتغطية على مناقبي والدلالة على مثلبة إن كانت لي، لقيني وأنا متوجه ليلة عرفة من سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة هجرية إلى مشهد مولانا موسى بن جعفر ومحمد بن علي بن موسى (موسى الكاظم ومحمد الجواد (ع) في الكاظمية في العراق) للتعريف هناك، فسألني عن متوجهي فذكرت له إلى أني قصدت، فقال لي: متى كان ذلك؟ يعني أن جمهور الموسويين جارون على منهاج واحد في القول بالوقف والبراءة ممن قال بالقطع، وهو عارف بأن الأمانة مذهبي، وعليها عقدي ومعتقدي وإنما أراد التنكيل لي، والطعن على تديني فأجبته في الحال بما اقتضاه كلامه.. "، ثم جعل الشريف ذلك علة تجدد نشاطه لإكمال كتاب خصائص الأئمة (ع)، غير أن جمعه لنهج البلاغة، ومعاجلة المنية له، قد حالا دون إكمال خصائص الأئمة، فظل الكتاب محتويا على فضائل أمير المؤمنين (ع) فقط.
وإذا كان الكتاب - ونعني به خصائص الأئمة - لم يستطع أن يستوفي ذكرهم جميعا سلام الله عليهم، فإن شعر الرضي قد استوفى ذلك فحفل بذكرهم وتعطر بالإشادة بمناقبهم وصفاتهم ومواضع مراقدهم الطاهرة.
ولنفتح قلوبنا لبائيته العذبة:
سقى الله المدينة من محل * لباب الماء والنطف العذاب فهو يدعو للمدينة بالسقيا، وليس بمطلق السقيا، إذ كانت تسقى بديم المطر العزيز مع الصواعق والرعود وما يروع أهلها الآمنين، بل هي السقيا بلباب الماء، أي بجوهره وصافيه ونقيه من غير أوشاب ولا أكدار، ثم هي السقيا بالقطر العذب السائغ.
ولا عجب أن يدعو للمدينة المنورة بذلك، لأن فيها قبر جده الأعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيها أيضا شئ آخر عزيز على قلبه:
وجاد على البقيع وساكنيه * رضي الذيل ملآن الوطاب ففي البقيع إضمامة من زهر لا يكفيها الطل، بلا بد من الوابل، لا بد من أن يرخي السحاب عليها ذيله، وأن يفتق وطابه الملآن، فأولئك الأئمة الأطهار ظلموا أحياء وظلموا