هل نافع نفسك أذللتها * كرامة البيت وعز القبيل إنا إلى الله، وإنا له * وحسبنا الله، ونعم الوكيل فمال الأمر كله إلى الله سبحانه وتعالى، وكرامة البيت، وعز القبيلة، لن يغنيا المرء شيئا إن أذل نفسه.
هذه الرؤية الدقيقة للحياة وحقائقها تكشف لنا أنه (رض) كان ينظر إلى الكرامة والعزة باعتبارهما أمرين إلهيين لا محيد عنهما، وإن الذلة طريق يناقض طريق الإيمان، فما دام المقام في هذه الدنيا قليل فليستصغر المرء مجريات الحياة من آلامها وخطوبها، بل فليستصغر الأيام ذاتها، وحينذاك لن يبقى في وسع الذلة أن تتسرب إلى موقف الإنسان مهما كان الخطب، والأمر كله لله.
لاحظ هذه الحساسية تجاه مواقف الذلة، واعتبارها نقيض كرامة النسب وعزته، ثم أنظر تطبيقات هذه الحساسية في حياة الشريف وشعره، وتصوركم هو عمق الألم عن الصغار!؟. والإباء المحلق عن الضيم، رمز إلى استسهال الصعاب في سبيل الحفاظ على العزة والكرامة.
وهو لا يجدر عذرا للقبول بالذل ما دام معه السيف:
أي عذر له إلى المجد؟ إن ذل * غلام في غمده المشرفي ثم ينتقل إلى السبب الذي يحدوه لاعتبار مقامه حيث هو ذلا، إذ يقول:
ألبس الذل في ديار الأعادي * وبمصر الخليفة العلوي من أبوه أبي ومولاه مولا * ي، إذا ضامني البعيد القصي لف عرفي بعرقه سيدا لنا * س جميعا محمد وعلي أرأيت؟ ها هو ذا يبين لنا أن بذاخة نسبه سبب اعتباره أن مقامه حيث هو ذلا، فهناك حاكم علوي يلتقي بالنسب الباذخ معه، فالأجدر أن يلتحق به.
وهكذا ينقلنا الشريف إلى المحور الثاني الذي هو مدار فخره:
المحور الثاني: محور النسب، وهو في قناعتنا الأساس الذي تتفرع منه مواقف الرضي في شعره وغير شعره، فهو ينظر إلى نفسه نظرة تاريخية باعتباره حلقة من سلسلة طيبة هو ملزم ذاتيا وموضوعيا أن يسير في حياته على مقتضيات ذلك.