الإشارة - إلى أنها تحملت مسؤولية ولديها الرضي والمرتضى حين اعتقل والداهما الحسين ابن موسى من قبل عضد الدولة البويهي عام 369 ه، وأبعد إلى فارس، وسجن بقلعة هناك حتى عام 376 ه، حيث أطلق سراحه، وعاد إلى بغداد (40)، والرضي كان في سن الفتوة، وزهوة الشباب، وقد قطع شوطا جيدا في حياته العلمية، وجمع من المعرفة ما ميزه على أقرانه في تأهيله العلمي وحين امتد به العمر أصبح شخصية مرموقة لها شأنها في الأوساط العلمية والاجتماعية.
وحين نحاول أن نقيم هذه المنزلة الثقافية، فإن مفاتيح هذه المعرفة لا تتعدى - في مجال الحصر - ثلاث قنوات رئيسة تؤكد على حقيقة ثابتة في منزلته العلمية، ومكانته في ميدان المعرفة وهي:
الأولى: أساتذته وشيوخه:
في أكثر من إشارة ذكر أن الشريف الرضي بدأ شوطه العلمي وهو ابن عشر سنين، فقد ذكرت الرواية السابقة بأنه التحق وأخوه المرتضى بدرس الفقه عند الشيخ المفيد وهما صغيران (41)، واحضر إلى السيرافي النحوي وهو لم يبلغ من العمر عشر سنين، فلقنه النحو (42) وقرأ على أبي إسحاق الطبري الفقيه المالكي القرآن، وهو شاب حدث (43)، وهكذا مشى في طريق المجد العلمي وهو بعد في برعم الحياة.
وحين نستعرض أسماء شيوخ الرضي وأساتذته نجد أن طموحه العلمي كان متعدد الآفاق، موسوعيا، لم يقتصر على الفقه والأصول كما هي عادة الاختصاصيين في المدرسة الفكرية لآل البيت عليهم السلام، إنما حاول أن يستفيد من كل أبعاد المعرفة وفنونها، فلقد انتهل من علوم الشريعة الإسلامية من أعلام قراء القرآن، ومفسريه، والفقهاء والأصوليين والحديث، والكلام والفلسفة، سنة وشيعة، وفي مختلف المذاهب (44).