مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٥ - الصفحة ٢٠٢
كما ذكر أن والدة الرضي ذهبت بولديها: الرضي والمرتضى، إلى أبي عبد الله محمد ابن النعمان المعروف بالشيخ المفيد (30)، وكانا صغيرين وطلبت منه أن يعلمهما الفقه (31)، ومن الطبيعي أن يكون الرضي - وهو ينخرط في مدرسة شيخ الإمامية وعالمها الشهير بالشيخ المفيد - قد جمع شيئا من المقدمات العلمية، التي تؤهله لولوج هذه المدرسة العلمية وهو في سن مبكرة (32).
ونقل أبو الفتح عثمان بن جني (33) أن الشريف أحضر إلى ابن السيرافي النحوي (34) وهو طفل جدا لم يبلغ عشر سنين، فلقنه النحو (35).
نشأ الشريف الرضي في بغداد في بيت علم وفضل وتقى، فالسيد والده الحسين بن موسى من شخصيات الطالبيين، وقد تولى نقابتهم وإدارة الحج، وطبيعي أن لا تكون له هذا الوجاهة والمكانة إلا إذا كان مبرزا في أسرته وطائفته ومجتمعه، وقد وصفته بعض

(٣٠) قال ابن الجوزي في ترجمته: شيخ الإمامية، وعالمها على مذهبهم، كان له مجلس نظر يحضره كافة العلماء، توفي عام ٤١٣ ه‍ أنظر ترجمته في تاريخ بغداد: ٣ / ٢٣١ ورجال النجاشي: ٢٨٣.
(٣١) قال ابن أبي الحديد في (شرح النهج: ١ / ١٣ - ١٤): " حدثني فخار بن معد العلوي الموسوي رضي الله عنه قال: رأي المفيد أبو عبد الله محمد بن النعمان الفقيه الإمامي في منامه كأن فاطمة بنت رسول الله (ص) دخلت إليه وهو في مسجده بالكرخ ومعها ولداها الحسن والحسين عليهما السلام صغيرين فسلمتهما إليه وقالت له:
علمهما الفقه، فانتبه متعجبا من ذلك، فلما تعالى النهار في صبيحة تلك الليلة التي رأى فيها الرؤيا دخلت إليه المسجد فاطمة بنت الناصر وحولها جواريها وبين يديها ابناها محمد الرضي وعلي المرتضى صغيرين، فقام إليها وسلم، فقالت: أيها الشيخ هذان ولداي قد أحضرتهما إليك لتعلمهما الفقه، فبكى أبو عبد الله، وقص عليها المنام، وتولى تعليمهما، وأنعم الله تعالى عليهما وفتح لهما من أبواب العلم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا، وهو باق ما بقي الدهر ". وانظر الدرجات الرفيعة: ٤٥٩. وذكر ابن حجر في لسان الميزان: ٤ / ٢٢٣ - ٢٢٤، هذه القصة في ترجمة المرتضى، ولكن قال إن الذي ذهب بهما إلى والداهما، وهو غلط.
(٣٢) د. الحلو - المصدر المتقدم: ٨١.
(٣٣) عثمان بن جني الموصلي النحوي، أبو الفتح، صاحب الخصائص واللمع، توفي ٣٩٢ ه‍، راجع تاريخ بغداد: ١١ / ٣١١ - ٣١٢ ووفيات الأعيان: ٣ / ٢٤٦ - ٢٤٨ والمنتظم: ٧ / ٢٢٠ - ٢٢١.
(٣٤) هو الحسن بن عبد الله المرزبان، أبو سعيد السيرافي النحوي، من علماء النحو والفقه، ولي القضاء ببغداد، وكان لا يأكل إلا من كسب يده حيث ينسخ كل يوم ورقات يبيعها قبل أن يخرج إلى مجلسه، وكان الناس يدرسون عليه في فنون كثيرة، توفي عام ٣٦٨ ه‍.
راجع: تاريخ بغداد: ٧ / 341 - 342 ووفيات الأعيان: 2 / 78 - 79.
(35) ابن خلكان - وفيات الأعيان: 4 / 45.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة العدد - حول تحقيق نهج البلاغة 7
2 مقدمة في مصادر نهج البلاغة - الشيخ حسن حسن زاده الآملي 12
3 المتبقي من مخطوطات نهج البلاغة حتى نهاية القرن الثامن الهجري - السيد عبد العزيز الطباطبائي 25
4 الشريف الرضي فقيها - الشيخ رضا الاستادي 103
5 أهل البيت عليهم السلام في نهج البلاغة - السيد علي الميلاني 125
6 ذكرى الشريف الرضي - الدكتور الشيخ أحمد الوائلي 148
7 الشريف الرضي في ذكراه الألفية - الشيخ جعفر الهلالي 154
8 ما ينبغي نشره من التراث 158
9 وثائق تاريخية - رسائل - هيئة التحرير 162
10 من ذخائر التراث - المفاضلة بين الرضي والهروي - السيد أحمد الحسيني 176
11 ملف مؤتمر الشريف الرضي - الشاعر الطموح - الدكتور السيد محمد بحر العلوم 197
12 الرضي والمرتضى كوكبان - الشيخ جعفر السبحاني 248
13 دفاع عن الشريف الرضي في عقيدته - الدكتور الشيخ محمد هادي الأميني 263
14 أكذوبتان - السيد جعفر مرتضى العاملي 268
15 أهل البيت عليهم السلام في بعض شعر الشريف الرضي - الدكتور حمودي 279
16 من أنباء التراث 294