وعلى هذا التقدير فإن والد الرضي كانت له المكانة عند العباسيين من قبل عام 333 ه، خاصة إذا أخذنا رواية ولايته المظالم في عهد المطيع العباسي بنظر الاعتبار، فمعناه أنه كان ذا جاه ومنزلة لدى الحكام العباسيين، وهو في فتوة العمر ولم يبلغ الثلاثين من حياته، فقد ذكر أن ولادته كانت في سنة 304 ه (16).
ولقد عاصر والد الرضي عددا كبيرا من حكام بني العباس ابتداء من المقتدر بالله جعفر بن أحمد، الذي كانت أيام حكمه من (296 - 320 ه) إلى نهاية القادر بالله العباسي (381 - 422 ه).
كما عاصر من أمراء دولة البويهيين من معز الدولة أحمد بن بويه (334 ه) إلى عهد بهاء الدولة بن عضد الدولة (379 - 403 ه)، وتقلد نقابة الطالبيين خمس مرات، ومات وهو متقلدها (17) إضافة إلى كثير من المراتب العالية، كإمارة الحج وولاية المظالم.
تقول الرواية: كان " أبو أحمد جليل القدر عظيم المنزلة في دولة بني العباس ودولة بني بويه، ولقب بالطاهر ذي المناقب، وخاطبه بهاء الدولة أبو نصر بن بويه بالطاهر الأوحد، وكان السفير بين الخلفاء وبين الملوك من بني بويه و الأمراء من بني حمدان وغيرهم " (18).
ولكن هذه المكانة المرموقة لم تمنع من أن يغضب عليه عضد الدولة، ويحمل عليه موجدة تؤدي به إلى إبعاده عن بغداد، واعتقاله في قلعة بفارس ومصادرة أملاكه، وذلك عام 369 ه، وبقي معتقلا سبع سنين رغم أن عضد الدولة توفي عام 372 ه (19)، لكنه بقي قيد الإقامة في شيراز حتى عام 376 ه، حيث أطلقه شرف الدولة، أبو الفوارس شيرذيل ابن عضد الدولة، واصطحبه إلى بغداد (20)، وعادت إليه نقابة الطالبيين والمظالم، وإمارة الحج عام 380 ه (21)، وبقي ببيته شامخا حتى وفاته عام 400 ه (22).