أما أخوه علي المرتضى، فقد ولد عام 355 ه، وبهذا يكون أكبر من أخيه الرضي بأربع سنوات، وقد وصفته المصادر بأن " مرتبته في العلم عالية فقها وكلاما وحديثا، ولغة وأدبا، وغير ذلك، وكان متقدما في فقه الإمامية وكلامهم، ناصرا لأقوالهم " (23).
وتضيف الروايات إلى ما سبق بأنه " كان المرتضى يشارك الرضي في النيابة عن أبيه في المناصب التي تناط به من نقابة، وإمارة حج ونظر في المظالم، ولقب بذي المجدين، يوم لقب الرضي بذي الحسبين سنة 397 ه (24)، وبعد وفاة أخيه الرضي عام 406 ه تقلد ما كان يتقلده أخوه من النقابة وإمارة الحج والمظالم (25).
ومما تقدم نستفيد بأن المرتضى والرضي لم يكونا على خط واحد من الاتجاه الاجتماعي، فالرضي - كما يترجم - خاض عمار السياسة واهتم بالحياة الاجتماعية، واشتهر بالشعر، وإن كان من فطاحل العلم، والمرتضى بعكسه تماما فقد اشتهر بالعلم والفضل رغم آفاقه الواسعة في عالم الأدب والشعر، وكان أمر السياسة عنده ثانويا، رغم اهتمامه به.
ثانيا - آفاقه العلمية:
عرف الشريف الرضي بالذكاء الوقاد، والاستعداد الكامل للمعرفة، وهو في سن مبكرة فقد ذكر أنه ابتدأ بنظم الشعر وله تسع سنين (26)، أو بعد أن جاوز العشر سنين بقليل (27).
وذكر أنه حفظ القرآن في مدة يسيرة، وهو حدث السن (28)، وقد قرأه على إبراهيم ابن أحمد بن محمد الطبري المقرئ الفقيه المالكي المتوفى عام 393 ه (29).