ثم إنه أشار إلى طرف من صفات أهل البيت المعنوية التي خصهم الله عز وجل بها، قائلا: " وإني لمن قوم لا تأخذهم... ".
وإن أشرف الأشياء التي أخذوها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأعلاها:
علومه ومعارفه وأسراره، وهذا ما كرر الإمام ذكره وأعلن به فخره، يقول عليه السلام:
" هم موضع سره، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه. بهم أقام انحناء ظهره، وأذهب ارتعاد فرائصه " (19).
والضمائر كلها راجعة إلى " الله " أو " النبي "، إلا الضمير في " ظهره " و " فرائصه " فإنهما عائدان إلى " الدين ".
والمراد من " السر " العلوم التي لا يحتملها أحد غيرهم، ومن " الأمر " كل ما يحتاجه الناس لدينهم ودنياهم، فالأئمة هم المرجع والملاذ فيه، قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شئ... " (20) وقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام نفسه إلى هذا المعنى، مستدلا بالآية الكريمة، في قوله الآتي ذكره: " إنا لم نحكم الرجال... ".
والمراد من " عيبة علمه " أن الأئمة أوعية لعلوم الله التي أودعها النبي، وإليه أشار هو بقوله: "... علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي " (21) وبه أخبار رواها الكليني في الكافي (22).
والمراد من " الحكم " مطلق الأحكام الشرعية أو خصوص الحكم بمعنى القضاء، وقد تواتر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله قولهم: " أقضانا علي " (23) والأخبار الواردة عنهم في النهي عن التحاكم إلى غيره كثيرة، أورد بعضها الحر العاملي في