مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤ - الصفحة ٢٢
(1) أهميتها اهتم المفسرون بذكر أسباب النزول، فجعلوا معرفتها من الضروريات لمن يزيد فهم القرآن والوقوف على أسراره، وأكد الأئمة على هذا الاهتمام، فجعله الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام من الأمور التي لو لم يعرفها المتصدي لمعرفة القرآن لم يكن عالما بالقرآن، فقال عليه السلام:
إعلموا رحمكم الله أنه من لم يعرف من كتاب الله: الناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمحكم والمتشابه، والرخص من العزائم، والمكي من المدني، وأسباب التنزيل ...، فليس بعالم القرآن، ولا هو من أهله (6) ومن هنا نعرف سر عناية الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام بأمر نزول القرآن ومعرفة أسبابه ومواقعه، فقد كان يعلن دائما عن علمه بذلك، ويصرح باطلاعه الكامل على هذا القبيل من المعارف الإسلامية:
ففي رواية رواها أبو نعيم الأصبهاني في " حلية الأولياء " عن الإمام علي عليه السلام أنه قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما أنزلت! وأين أنزلت! إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سؤولا (7) وقال عليه السلام: والله ما نزلت آية في ليل أو نهار، ولا سهل ولا جبل، ولا بر ولا بحر، إلا وقد عرفت أي ساعة نزلت! أو في من نزلت! (8) وإذا كان أمر نزول القرآن - ومنه أسبابه - بهذه المثابة من الأهمية عند الإمام علي عليه السلام، وهو القمة الشماء بين العارفين بالقرآن وعلومه، بل هو معلم القرآن بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما في الحديث عن أنس بن مالك، قال النبي:
علي يعلم الناس بعدي من تأويل القرآن ما لا يعلمون يخبرهم. [شواهد التنزيل ج 1 ص 29].

(٦) بحار الأنوار للمجلسي (ج ٩٣ ص ٩) نقلا عن تفسير النعماني.
(٧) تأسيس الشيعة (ص ٣١٨)، وسيأتي في نهاية هذا البحث ذكر أحاديث أخرى بهذا المضمون.
(٨) تفسير الحبري، الحديث (٣٧ و ٧٤)، شواهد التنزيل للحسكاني (ج ١ ص ٢٨٠)، وسنتحدث في خاتمة هذا البحث عن ارتباط الإمام بالقرآن.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست