وقال المفسرون ابن عطية: " فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب " (9) فإن أهمية أسباب النزول ومعرفتها تكون واضحة، حيث تعد من الشروط الأساسية لمن يريد التعرف على القرآن.
وقد أفصح عن ذلك الأعلام والمؤلفون أيضا:
قال الواحدي: إذ هي [يعني الأسباب] أولى ما يجب الوقوف عليها، فأولى أن تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها دون الوقوف على قصتها و بيان نزولها (10) وقال السيد العلامة الفاني: وأما وجه الحاجة إلى شأن نزول الآيات، فلأن الخطأ في ذلك يفضي إلى اتهام البرئ وتبرئة الخائن، كما ترى أن بعض الكتاب القاصرين عن درك الحقائق، يذكرون أن شأن نزول آية تحريم الخمر إنما هو اجتماع علي عليه السلام مع جماعة في مجلس شرب الخمر، مع أن التاريخ يشهد بكذب ذلك، و نرى بعضهم يقول: إن قوله تعالى: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله " إنما نزلت في شأن ابن ملجم (11).
وقال الدكتور شواخ: نزل القرآن منجما على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم حسب مقتضيات الأمور والحوادث، وهذا يعني أن فهم كثير من الآيات القرآنية متوقف على معرفة أسباب النزول، وهي لا تخرج عن كونها مجرد قرائن حول النص، وقد حرم العلماء المحققون الإقدام على تفسير كتاب الله لمن جهل أسباب النزول.
ولذا كان الإقدام على تفسير كتاب الله تعالى محرما على أولئك الذين يجهلون أسباب النزول ويحاولون معرفة معنى الآية، أو الآيات دون الوقوف على أسباب نزولها و قصتها (12).
وبلغ اهتمام علماء القرآن بأسباب النزول إلى حد عده من أهم أنواع علوم .