تعالى بكلماته، وكذلك إطلاق الكلمات على حجج الله تعالى من باب تشبيههم بكلمات الله التي يهتدي بها المهتدون، وقد أطلق عليهم كلمات الله التامة في كثير من الأخبار والزيارات الخاصة بهم عليهم صلوات الله وسلامه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * فظاهر استخدام " الكلمة " هنا هي الإمامة، إذ لا يناسب أن يكون الضمير راجعا إلى إبراهيم - كما أرجع بعضهم الضمير بعناية التوحيد - أي جعل إبراهيم التوحيد باقيا في عقبه، وهذا مما ينافي الجعل المقصود في الآية، إذ الجعل الذي جعله الله تعالى في عقب إبراهيم هو التشريف الذي استحقه بتوحيده، وهي الإمامة التي كانت جزاء على توحيده لله تعالى واستنكارا على قومه وما يعبدون من دون الله الواحد الأحد، فكان حقا محلا كريما لكون الإمامة وهي أشرف الأشياء في عقب إبراهيم (عليه السلام).
وقد ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة.
ولا منافاة فيمن التزم بأن الكلمات هي الحنيفية، وهي الطهارة كأخذ الشارب وإعفاء اللحى والسواك والخلال إلى آخره، إذ أن ذلك بيان لسير الكمال الذي سلكه إبراهيم (عليه السلام)، ومعرفته لحجج الله تعالى من أوضح مصاديق كماله الذي خصه به الله تعالى.