لوامع الحقائق في أصول العقائد - ميرزا أحمد الآشتياني - ج ١ - الصفحة ١٣
لها جزء، ولما ثبت كونه نورا صرفا، فهو أحد بسيط لا جزء له.
تذنيب: في بيان أن صفات الله العليا عين ذاته المقدسة، فنقول على الوجه الكلي: إن كل صفة من صفات الكمال، وأوصاف الجمال، يرجع إلى الوجود، فإن كون الشخص عالما، معناه: أن له وجودا مجردا يكون له معلومات قائمة بذاته، مشهودة لذاته، وكونه قادرا على شئ، معناه: أن وجود ذلك الشئ صادر عن قدرته، وموجود عن وجوده، وكونه حيا، معناه: أنه الدراك الفعال، والدرك يرجع إلى العلم، والفعل يرجع إلى القدرة.
فإذا ثبت أن ملاك كل صفة كمالية هو الوجود، نقول: لما كان الله تعالى مجردا محضا، ووجودا صرفا، محيطا بجميع الموجودات، فكلها حاضرة لديه، مشهودة لذاته، صادرة عن قدرته وإرادته، فهو عليم بذاته، قادر بذاته، حي بذاته، وحيث أن كل موجود ممكن أوجده الله تعالى، مع قطع النظر عن جهة محدوديته بماهية، خيرا محضا، فجميع ما صدر عنه - من حيث نفس وجوده - مراد له تعالى.
وبعد ذا نقول: علمه سبحانه على قسمين: علم مع الايجاد، وعلم قبل الايجاد، أما الأول: فهو عبارة عن العلم الشهودي الحضوري، فإن جميع الموجودات لما كان صادرا عن ذاته، وقائما به بالقيام الصدوري، فالكل مشهود له تعالى، ومعلوم له بالعلم الحضوري، كما في القرآن " وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين " (1) وأما الثاني: فالمراد منه العلم الكمالي الذاتي، ببيان: أن ما يوجد في عالم من عوالم الوجود، تنزلات من أصول سابقة، وليس المراد أن تلك الأصول مبادئ ومواد لما يوجد

1 - سوره يونس آية 61.
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»